من المسلمين في العدد؛ لكنّهم أقلّ من المؤمنين في الفضل، والشرف، وعلوّ الدّرجة عند الله، والمؤمنون وإن كانوا أقلّ من الكفار؛ لكنّهم أكثر منهم؛ لأنّ لهم الفضل، والشرف، والسّؤدد، والغلبة في الدّنيا، وعلو الدّرجة في الآخرة. وأنشد بعضهم في هذا المعنى، فقال: [الكامل]
وهم الأقلّ إذا تعدّ عشيرة... والأكثرون إذا يعدّ السّؤدد
بعد هذا؛ فأصل: {فَلَيُغَيِّرُنَّ:} يغيّرون، فلمّا اتّصلت به نون التوكيد؛ صار: ليغيّروننّ، فحذفت نون الرفع لتوالي الأمثال فصار: ليغيّرونّ، فحذفت الواو لالتقاء الساكنين، وبقيت الضمة على الراء قبلها؛ لتدلّ عليها، فصار: (ليغيّرنّ)، وقل مثله في إعلاله: {فَلَيُبَتِّكُنَّ،} وكلّ مضارع من الأفعال الخمسة فاعله واو الجماعة، واتصلت به نون التّوكيد.
الإعراب: {وَلَأُضِلَّنَّهُمْ:} الواو: حرف عطف. ({لَأُضِلَّنَّهُمْ}): فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة؛ الّتي هي حرف لا محلّ له، واللام واقعة في جواب قسم محذوف، والفاعل ضمير مستتر تقديره: أنا، والهاء مفعول به، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها في الآية السابقة، لا محلّ لها مثلها، والجملتان: {وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ} معطوفتان عليها، وإعرابهما مثلها بلا فارق، والمتعلق محذوف. {فَلَيُبَتِّكُنَّ:} الفاء: حرف عطف. (ليبتكن): فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه النون المحذوفة لتوالي الأمثال، وواو الجماعة المحذوفة المدلول عليها بالضمة في محل رفع فاعل، والنون حرف توكيد لا محلّ له. {آذانَ:} مفعول به، وهو مضاف، و {الْأَنْعامِ:} مضاف إليه، واللام واقعة في جواب قسم محذوف مثل ما قبلها.
{وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ:} إعرابهما مثل إعراب ما قبلهما. {خَلْقَ:} مفعول به، وهو مضاف.
و {اللهِ:} مضاف إليه من إضافة المصدر لفاعله.
{وَمَنْ:} الواو: حرف استئناف. ({مَنْ}): اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {يَتَّخِذِ:} فعل مضارع فعل الشرط، والفاعل يعود إلى ({مَنْ}). {الشَّيْطانَ:} مفعول به أول. {وَلِيًّا:} مفعول به ثان. {مِنْ دُونِ:} متعلقان ب {وَلِيًّا} أو بمحذوف صفة له.
و {دُونِ} مضاف، و {اللهِ:} مضاف إليه. {فَقَدْ:} الفاء: واقعة في جواب الشرط. (قد):
حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال. {خَسِرَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى (من).
{خُسْراناً:} مفعول مطلق. {مُبِيناً:} صفة له، وجملة: {فَقَدْ..}. إلخ في محلّ جزم جواب الشرط... إلخ، وخبر المبتدأ الذي هو (من) مختلف فيه، كما ذكرته مرارا، وتكرارا.
{يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلاّ غُرُوراً (١٢٠)}
الشرح: {يَعِدُهُمْ} أي: الشّيطان الوعود الكاذبة، وترّهاته من طول العمر، وبأنّه لا بعث، ولا حساب، ولا جنّة، ولا نار، ويوهمهم الفقر؛ حتّى لا ينفقوا في الخير. {وَيُمَنِّيهِمْ} الأماني