للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأرسلها العراك ولم يذدها... ولم يشفق على نغص الدّخال

واجتهد وحدك، وكلّمته فاه إلى فيّ، فالجماء، والعراك، ووحدك، وفاه أحوال، وهي معرفة لفظا، لكنها مؤولة بنكرة، والتقدير: جاؤوا جميعا، وأرسلها معتركة، واجتهد منفردا، وكلمته مشافهة، انتهى. شرح ابن عقيل. وخذ قول ابن مالك-رحمه الله تعالى-في ألفيته: [الرجز] والحال إن عرّف لفظا فاعتقد... تنكيره معنى كوحدك اجتهد

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٩)}

الشرح: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا:} هذا نداء من الله تعالى للمؤمنين بأكرم وصف، وألطف عبارة. أي: يا من صدقتم بالله ورسوله، وتحليتم بالإيمان الذي هو زينة الإنسان. {لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ..}. إلخ: قال المفسرون: لما ذكر الله قبائح المنافقين؛ نهى المؤمنين عن التشبه بهم في الاغترار بالأموال والأولاد، والمعنى: لا تشغلكم أيها المؤمنون الأموال، والأولاد عن طاعة الله، وعبادته، وعن أداء ما افترضته عليكم من الصلاة، والزكاة، والحج، كما شغلت المنافقين. قال أبو حيان: أي: لا تشغلكم أموالكم بالسعي في نمائها، والتلذذ بجمعها، ولا أولادكم بسروركم بهم، وبالنظر في مصالحهم عن ذكر الله. وهو عام في الصلاة، والتسبيح، والتحميد، وسائر الطاعات من تلاوة القرآن، وغيره، وقد عرفتم قدر منفعة الأموال، والأولاد، وأنه أهون شيء، وأدونه في جنب ما عند الله. هذا؛ وانظر شرح (المال) في الاية رقم [٨] من سورة (الحشر). هذا؛ وقدم الله ذكر الأموال على الأولاد؛ لأنها أول عدة يفزع إليها عند نزول الخطوب. وانظر الاية رقم [١٧] من سورة (المجادلة).

{وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ} أي: ومن شغله ماله، وولده عن ذكر الله، وطاعته، وعبادته. {فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ} أي: لأنهم باعوا العظيم الباقي، بالحقير الفاني. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلاّ ذكر الله، وما والاه، وعالم، ومتعلّم». أخرجه الترمذي عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. هذا؛ وقد قيل في تفسير الخسران: إنه جعل لكل واحد من بني آدم منزل في الجنة، ومنزل في النار، فإذا كان يوم القيامة جعل الله للمؤمنين منازل الكفار التي في الجنة، وجعل للكفار منازل المؤمنين التي في النار، فذلك هو الخسران، وأي خسران أعظم من هذا الخسران؟! وانظر الاية التالية.

الإعراب: {يا أَيُّهَا:} (يا): أداة نداء تنوب مناب أدعو. (أيها): منادى نكرة مقصودة مبنية على الضم في محل نصب بأداة النداء، و (ها): حرف تنبيه لا محل له، أقحم للتوكيد، وهو عوض من

<<  <  ج: ص:  >  >>