للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا؛ وإن زالت العلة، كما بقي الرمل في الطواف؛ وإن زالت العلة، وبقيت المخافتة في صلاة النّهار، وإن زالت العلّة، وهذا جواب لمن يسأل: لماذا الإسرار بالنّهار، والجهر في الليل في الصلوات الخمس؟ والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف، تقديره: أقرأ، أو أتلو؛ إذا أراد الشخص القراءة، وقس على ذلك جميع الأعمال التي يقوم بها المسلم، ويسمّي الله عليها، فمثلا: الآكل، والشارب، والقائم، والقاعد، تقدير المحذوف عنده: آكل، أو أشرب... إلخ، وتقدير المحذوف فعلا مذهب الكوفيين، وهم يقدّرونه مؤخرا، ليفيد الاختصاص، وأما البصريّون؛ فيقدرون المحذوف اسما، والتقدير عندهم: ابتدائي، أو أكلي، أو قراءتي بسم الله... إلخ، وعليه فالجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر لمبتدإ محذوف، والتقدير: أكلي، أو شربي كائن بسم الله، ويشهد لقول الكوفيين قوله تعالى: {اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} ويشهد لقول البصريين قوله تعالى: {وَقالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها} الآية رقم [٤١] من سورة (هود) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام. وقال المرحوم سليمان الجمل: والأحسن أن يقدر متعلق الجار هنا: قولوا؛ لأن المقام مقام تعليم، وهذا الكلام صادر عن حضرة الربّ تعالى. انتهى. و (اسم) مضاف و {اللهِ} مضاف إليه، وعلى اعتبار لفظ: (اسم) صلة، فيكون مقحما بين الجار والمجرور، {الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ:} بدلان من لفظ الجلالة، وهذا على اعتبارهما اسمين من أسماء الله الحسنى، وهو المعتمد، وقيل: هما صفتان للفظ الجلالة، هذا ويجوز في العربية رفعهما على أنهما خبران لمبتدإ محذوف، التقدير: هو الرّحمن الرحيم، كما يجوز نصبهما على أنهما مفعول لفعل محذوف، التقدير: أمدح، ونحوه، وهذان الوجهان على القطع، أعني به قطع النّعت عن المنعوت، انظر ما ذكرته في الاستعاذة، وجملة البسملة على الوجهين مبتدأة، لا محلّ لها.

{الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٢)}

الشرح: {الْحَمْدُ:} هو في اللغة: الثناء بالكلام الجميل الاختياري على جهة التبجيل، والتعظيم، سواء أكان في مقابلة نعمة، أم لا. فالأول كمن يحسن إليك، والثاني كمن يجيد صلاته، وهو في اصطلاح علماء التوحيد: فعل ينبئ عن تعظيم المنعم من حيث كونه منعما على الحامد، أو غيره، سواء أكان ذلك قولا باللّسان، أو اعتقادا بالجنان، أو عملا بالأركان؛ التي هي الأعضاء، كما قال الأخطل التغلبي، وبعضهم يعتبر ما في البيت تفسيرا للشّكر: [الطويل]

أفادتكم النّعماء منّي ثلاثة... يدي ولساني والضّمير المحجّبا

<<  <  ج: ص:  >  >>