للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للجملة المحذوفة على نصب (كل)، وفي محل رفع خبره على رفعه، وعلى الاعتبارين فالجملة معترضة بين السبب، ومسببه، فإن قوله: {فَذُوقُوا..}. إلخ مسبب عن تكذيبهم. {كِتاباً:} فيه أوجه: أحدها: أنه مفعول مطلق عامله: {أَحْصَيْناهُ؛} لأنه من معناه؛ إذ التقدير: أحصيناه إحصاء. والثاني: أنه مفعول مطلق ل‍: (أحصينا)؛ لأنه في معنى كتبنا كتابا، فالتجوز في نفس الفعل. قال الزمخشري: لالتقاء الإحصاء والكتب في معنى الضبط، والتحصيل. الثالث: أنه منصوب على الحال؛ لأنه بمعنى: مكتوبا في اللوح، وفي صحف الحفظة. انتهى جمل نقلا عن السمين. هذا؛ وأرى جواز اعتباره في محل نصب بنزع الخافض، التقدير: أحصيناه في كتاب، ولعلك تدرك معي: أن هذا أولى بالاعتبار.

{فَذُوقُوا:} الفاء: حرف عطف على رأي: من يجيز عطف الإنشاء على الخبر، وابن هشام يعتبرها للسببية المحضة، وأراها هنا الفصيحة؛ لأنها تفصح عن شرط مقدر، كما ستراه في التقدير. (ذوقوا): فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق، والمفعول محذوف للتعميم، والاختصار، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها جواب لشرط غير جازم؛ إذ التقدير، وإذا كان ذلك حاصلا منهم، وواقعا فيقال لهم: ذوقوا؛ مع ملاحظة الالتفات من الغيبة إلى الخطاب. والشرط المقدر، ومدخوله كلام معطوف على ما قبله لا محل له مثله. {فَلَنْ:}

الفاء: حرف تعليل. (لن): حرف نفي، ونصب، واستقبال. {نَزِيدَكُمْ:} فعل مضارع منصوب ب‍: (لن)، والفاعل مستتر، تقديره: «نحن»، والكاف مفعوله الأول. {إِلاّ:} حرف حصر.

{عَذاباً:} مفعول به ثان، والجملة الفعلية تعليل للأمر، لا محل لها.

{إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً (٣١) حَدائِقَ وَأَعْناباً (٣٢) وَكَواعِبَ أَتْراباً (٣٣) وَكَأْساً دِهاقاً (٣٤) لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا كِذّاباً (٣٥) جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً (٣٦)}

الشرح: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً:} فوزا، وظفرا بالبغية، والمراد. وقيل: موضع فوز، ونجاة، وخلاص مما فيه أهل النار، ولذلك قيل للفلاة؛ إذا قل ماؤها: مفازة تفاؤلا بالخلاص منها، ويحتمل أن يفسر الفوز بالأمرين جميعا؛ لأنهم فازوا بمعنى: نجوا من العذاب، وفازوا بما حصل لهم من النعيم. {حَدائِقَ} أي: بساتين، فيها جميع أنواع الشجر المثمر، جمع: حديقة.

{وَأَعْناباً:} جمع: عنب، والمراد: الكروم؛ التي فيها العنب. {وَكَواعِبَ:} جمع: كاعب، وهي الأنثى التي استدار ثديها مع ارتفاع يسير، فصار كالكعب، وهو يكون في سن البلوغ، وكل شيء مرتفع مدور، أو مربع، يقال له: كعب، وسميت الكعبة في المسجد الحرام كعبة؛ لارتفاعها مع التربيع. والعرب تسمي كل بيت مرتفع: كعبة، والأولى أن تقول: سميت لارتفاع قدرها، وسمو مكانتها. هذا؛ و {وَكَواعِبَ} لم يذكر في غير هذه السورة. هذا؛ ولم يذكر أحد من المفسرين نوع

<<  <  ج: ص:  >  >>