للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمراد من: {طَيِّباتِ:} حلالات، والحلال هو المراد عند الإطلاق؛ لأنّ الحرام خبيث، نجس؛ وإن كان مستلذّا عند من يأكله. وانظر الدّعاء في الآية رقم [١٨٥] الآتية.

{وَاشْكُرُوا لِلّهِ} انظر الشكر في الآية رقم [٥٢]. {إِنْ كُنْتُمْ إِيّاهُ تَعْبُدُونَ:} انظر العبادة في سورة الفاتحة، ولا تنس: أنّ تقديم المفعول يوحي بالاختصاص. وعن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال:

«يقول الله عزّ وجلّ: أنا، والإنس، والجنّ في نبأ عظيم، أخلق، ويعبد غيري، وأرزق، ويشكر غيري!».

الإعراب: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا:} انظر إعراب مثلها فيما تقدّم قريبا. {مِنْ طَيِّباتِ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. و {طَيِّباتِ} مضاف. {ما:} في محل جر بالإضافة وهي تحتمل الموصولة، والموصوفة، فهي مبنية على السكون في محل جر. هذا؛ وجملة: {آمَنُوا} مع المتعلق المحذوف صلة الموصول لا محل لها، ومفعول: {كُلُوا} محذوف، التقدير: كلوا رزقكم، وعليه فالجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال من المفعول المحذوف، وجوز الأخفش اعتبار:

{مِنْ} زائدة في الإيجاب، وعليه ف‍ {طَيِّباتِ} مجرور لفظا منصوب محلاّ. {رَزَقْناكُمْ:} فعل، وفاعل، ومفعول به أول، والجملة الفعلية صلة: {ما} أو صفتها، والعائد أو الرابط محذوف، التقدير: من طيبات الذي، أو: شيء رزقناكموه، على اعتبارها مصدرية تؤول مع الفعل بعدها بمصدر في محل جر بالإضافة، التقدير: طيبات رزقنا، وجملة: {كُلُوا..}. إلخ لا محل لها؛ لأنها ابتدائية كالجملة الندائية قبلها، وجملة: {وَاشْكُرُوا لِلّهِ} معطوفة عليها لا محل لها مثلها.

{إِنْ:} حرف شرط جازم. {كُنْتُمْ:} فعل ماض ناقص مبني على السكون في محل جزم فعل الشرط، والتاء: اسمه. {إِيّاهُ:} ضمير منفصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به مقدم. {تَعْبُدُونَ:} فعل مضارع، وفاعله، والجملة الفعلية في محل نصب خبر: (كان).

وجملة: {كُنْتُمْ..}. إلخ لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي، وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه. و {إِنْ} ومدخولها كلام مرتبط بما قبله لا محل له مثله. هذا؛ ويجيز بعض الكوفيين اعتبار (إن) بمعنى: «إذ» أي: ظرفا. وردّه ابن هشام في المغني.

{إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ فَمَنِ اُضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٧٣)}

الشرح: {إِنَّما:} كلمة موضوعة للحصر، تتضمّن النفي، والإثبات، فتثبت ما تناوله الخطاب، وتنفي ما عداه، وقد حصرت هاهنا التحريم، لا سيما وقد جاءت عقيب التحليل في قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>