للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فزعموا: أن الهمزة في الآيات المتقدمة في محلها الأصلي، وأن العطف على جملة مقدرة بينها وبين العاطف، فيقولون: التقدير في: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا} و {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً} و {أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ:} أمكثوا فلم يسيروا في الأرض؟ أنهملكم فنضرب لكم المثل؟ أتؤمنون في حياته، فإن مات أو قتل... إلخ؟ ويضعف قولهم، ما فيه من التكلف، أنه غير مطرد في جميع المواضع. انتهى مغني اللبيب بتصرف. {تَتَّقُونَ:} انظر التقوى في الآية رقم [٢٦].

الإعراب: {وَإِلى عادٍ:} متعلقان بفعل محذوف، أي: وأرسلنا... إلخ. {أَخاهُمْ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الألف نيابة عن الفتحة؛ لأنه من الأسماء الخمسة، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. {هُوداً:} بدل من: {أَخاهُمْ،} أو عطف بيان عليه، والجملة الفعلية:

المقدرة: «وأرسلنا...» إلخ معطوفة على مثلها في الآية رقم [٥٩] لا محل لها مثلها. {قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ} انظر إعراب هذه الكلمات في الآية رقم [٥٩] وجملة:

{قالَ..}. إلخ هنا مستأنفة، لا محل لها، بخلافها هناك، فإنها معطوفة بالفاء كما رأيت، وعلل ذلك الخازن بقوله: إن نوحا كان مواظبا على دعوة قومه غير متوان، وأما هود؛ فلم يكن كذلك، بل كان دون نوح في المبالغة في الدعاء، فجاء قوله بغير فاء. انتهى بتصرف. {أَفَلا} الهمزة: حرف استفهام وتقريع وتوبيخ. (فلا): الفاء: حرف عطف. (لا): نافية. {تَتَّقُونَ:}

مضارع مرفوع، والواو فاعله، ومفعوله محذوف للعلم به، والجملة الفعلية: {أَفَلا تَتَّقُونَ} مستأنفة مع الجملة المقدرة المعطوفة عليها على القول الثاني، ومعطوفة على ما قبلها على القول الأول في «الفاء»، تأمل، وتدبر، وربك أعلم.

{قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنّا لَنَراكَ فِي سَفاهَةٍ وَإِنّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكاذِبِينَ (٦٦)}

الشرح: {قالَ الْمَلَأُ:} انظر الآية رقم [٦٠]. {كَفَرُوا:} الكفر: ستر الحق بالجحود، والإنكار. وكفر فلان النعمة يكفرها كفرا وكفورا وكفرانا: إذا جحدها وأنكرها. وكفر الشيء:

غطاه وكفره. وسمّي الكافر كافرا؛ لأنه يغطي نعم الله بجحدها، وعبادته غيره. وسمي الزارع كافرا؛ لأنه يلقي البذر في الأرض، ويغطيه، ويستره بالتراب. قال تعالى في تشبيه حال الدنيا:

{كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفّارَ نَباتُهُ}. وسمي الليل كافرا؛ لأنه يستر كل شيء بظلمته. قال لبيد بن ربيعة الصحابي-رضي الله عنه-في معلقته: [الكامل]

حتّى إذا ألقت يدا في كافر... وأجنّ عورات الثّغور ظلامها

{قَوْمِهِ:} انظر الآية رقم [٣٢]. {فِي سَفاهَةٍ:} في خفة، وسخافة عقل، وفي حمق، وجهالة، وضلالة عن الحق والصواب. هذا؛ وسفه نفسه سفها، وسفاهة استمهنها، وأذلها،

<<  <  ج: ص:  >  >>