الشرح: يقرر الله عبادة في هذه الآية الكريمة، ويلفت نظرهم إلى خلق السموات، وما فيها من الكواكب السيارة، والثوابت، والأرضين السبع، وما فيها من جبال، ورمال، وبحار، وقفار، وما بين ذلك. ويرشد خلقه إلى الاستدلال على إعادة الأجساد بخلق هذه الأشياء، فهو كقوله تعالى:{لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النّاسِ} الآية رقم [٥٧] من سورة (غافر)، وفحوى هذه الآية مثل الآية رقم [٣٣] من سورة (الأحقاف): {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ..}. إلخ و {الْخَلاّقُ الْعَلِيمُ:} صيغتا مبالغة.
هذا؛ و {بَلى} حرف إثبات لما نفوه من إعادة الأجساد بعد فنائها، وإثبات بأن خلق السموات، والأرض أعظم من إعادتها قطعا، و:«بلى» حرف جواب كنعم، وجير، وأجل، وإي، إلا: أن {بَلى} جواب لنفي متقدم، أي إبطال، ونقض، وإيجاب له، سواء دخله الاستفهام أم لا؟ فتكون إيجابا له، نحو قول القائل: ما قام زيد، فنقول: بلى أي قد قام، وقوله: أليس زيد قائما؟ فتقول: بلى، أي هو قائم، قال تعالى:{أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى،} قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: لو قالوا: نعم؛ لكفروا.
الإعراب:{أَوَلَيْسَ:} الهمزة: حرف استفهام وتوبيخ، الواو: حرف استئناف. (ليس): فعل ماض ناقص. {الَّذِي:} اسم موصول مبني على السكون في محل رفع اسم (ليس). {خَلَقَ:}
فعل ماض، والفاعل يعود إلى:{الَّذِي} وهو العائد. {السَّماواتِ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم، والجملة الفعلية، صلة الموصول، لا محل لها. {وَالْأَرْضَ:} معطوف على ما قبله. {بِقادِرٍ:} الباء: حرف جر صلة.
(قادر): خبر (ليس) منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، وجملة:{أَوَلَيْسَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. {عَلى:}
حرف جر. {أَنْ يَخْلُقَ:} مضارع منصوب ب: {أَنْ،} والفاعل يعود إلى: {الَّذِي،} و {أَنْ يَخْلُقَ} في تأويل مصدر في محل جر ب: {عَلى،} والجار والمجرور متعلقان ب (قادر).
{مِثْلَهُمْ:} مفعول به، والهاء في محل جر بالإضافة. {بَلى:} حرف جواب مهمل لا عمل له.
{وَهُوَ:} الواو: حرف استئناف. (هو): مبتدأ. {الْخَلاّقُ الْعَلِيمُ:} خبران للمبتدإ. والجملة الاسمية معطوفة على ما يفيده الإيجاب، أي بلى هو قادر على ذلك، {وَهُوَ الْخَلاّقُ الْعَلِيمُ} والكلام بعد: {بَلى} كله مستأنف لا محل له.