للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (١٠)}

الشرح: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا:} لم يصدقوا بها. والمراد: ما شرع الله من أحكام، وأوجب على العباد أن ينفّذوها، كما يطلق على الدّلالات التي تدلّ على قدرة الخالق جلّ، وعلا. وتطلق على الآيات القرآنيّة، وتطلق على المعجزات الّتي أيّد الله بها الرسل.

{أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ} أي: الّذين يخالفون أوامر الله، وينقضون عهوده مأواهم جهنم وبئس المصير. وأضاف: {أَصْحابُ} إلى: {الْجَحِيمِ} لملازمة الكفار لنار جهنّم، فلا يخرجون منها. وانظر دركات النار في الآية رقم [١٤٥] من سورة (النساء).

تنبيه: لقد جرت سنة الله في كتابه: أنّه لا يذكر أهل الجنّة إلا ويذكر أهل النار، ولا يذكر الجنّة، ونعيمها، إلا ويذكر النّار، وما فيها؛ ليكون المؤمن راغبا راهبا، فيزداد من الخير المؤدي إلى الجنّة، ويقلّل من الشرّ الموصل إلى النّار.

وينبغي أن تعلم: أنّ ما ذكر في الآيتين إنّما هو بلفظ المذكّر، وكثير في القرآن مثله، وهو يشمل الذكور، والإناث على السّواء. فيمكن أن يكون من باب تغليب الذكور على الإناث، كما يمكن أن يكون الإناث ملحقة بالذكور إلحاقا، وهناك آيات كثيرة تثني على المؤمنات الصّالحات.

الإعراب: {وَالَّذِينَ:} الواو: حرف عطف. (الذين): اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ، وجملة: {كَفَرُوا} صلة الموصول، لا محلّ لها، والمتعلق محذوف، والتي بعدها معطوفة عليها، لا محلّ لها مثلها. {بِآياتِنا:} متعلقان بما قبلهما، و (نا) في محل جر بالإضافة.

{أُولئِكَ:} اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ، والكاف حرف خطاب لا محلّ له.

{أَصْحابُ:} خبر المبتدأ، وهو مضاف، و {الْجَحِيمِ:} مضاف إليه، والجملة الاسمية في محل رفع خبر (الذين)، والجملة الاسمية معطوفة على الجملة الفعلية في الآية السابقة، وقال الجمل:

مستأنفة أتى بها اسمية دلالة على الثبوت والاستقرار، ولم يأت بها فعلية كما في الوعد حسما لرجائهم، وقطعا لأملهم في دخول الجنّة. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اُذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاِتَّقُوا اللهَ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١١)}

الشرح: المناسبة بين هذه الآيات والتي قبلها: لمّا ذكر الله تعالى ما شرعه لعباده المؤمنين في هذه السّورة الكريمة من الأحكام، ومن أعظمها بيان الحلال، والحرام؛ ذكر هنا نعمته عليهم

<<  <  ج: ص:  >  >>