للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ (٤٠)}

الشرح: {وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ}: الخطاب للرسول صلّى الله عليه وسلّم. {بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ} أي: من العذاب في الدنيا، وقد مر كثير من التهديد والوعيد للكفار. {أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ} أي: نميتك قبل أن نريك ما نعدهم به من العذاب. {فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ} أي: ليس عليك إلا تبليغ الرسالة، وليس عليك شيء من حسابهم، و {الْبَلاغُ} اسم أقيم مقام التبليغ مثل {سَلامٌ} في الآية رقم [٢٤] {وَعَلَيْنَا الْحِسابُ} أي: حسابهم علينا، فنحن نجازيهم بأعمالهم، إن خيرا فخير وإن شرّا فشر، وانظر (نا) في الآية رقم [٨] من سورة (هود) عليه السّلام.

الإعراب: {وَإِنْ}: الواو: حرف استئناف. (إما): هي إن الشرطية مدغمة في (ما) الزائدة.

{نُرِيَنَّكَ}: مضارع فعل الشرط مبني على الفتح في محل جزم، والفاعل مستتر تقديره: «نحن»، والكاف مفعول به أول. {بَعْضَ}: مفعول به ثان، والفاعل بصري وقد تعدى إلى المفعول الثاني بهمزة التعدية؛ لأنه من الرباعي، و {بَعْضَ}: مضاف، و {الَّذِي}: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالإضافة. {نَعِدُهُمْ}: مضارع، والفاعل مستتر تقديره: «نحن»، والهاء مفعول به أول، والجملة الفعلية صلة الموصول، والعائد محذوف، وهو المفعول الثاني؛ إذ التقدير: نعدهم إياه، والجملة الفعلية: {نُرِيَنَّكَ..}. إلخ لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال:

لأنها جملة شرط غير ظرفي، وجواب الشرط محذوف، التقدير: فذاك شافيك من أعدائك.

{أَوْ}: حرف عطف. {نَتَوَفَّيَنَّكَ}: معطوف على ما قبله، وهو مثله في إعرابه وفي محل جملته، ويقدر له جواب ب‍: فلا تقصير منك، ولا لوم عليك. وانظر الآية رقم [٤٦] من سورة (يونس) عليه السّلام، {فَإِنَّما}: الفاء: حرف تعليل. (إنما): كافة ومكفوفة. {عَلَيْكَ}: متعلقان بمحذوف خبر مقدم، وتقديمهما أفاد القصر والحصر. {الْبَلاغُ}: مبتدأ مؤخر، والجملة الاسمية تعليل لجواب الشرط الثاني المحذوف. (علينا): متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {الْحِسابُ}:

مؤخر مبتدأ، والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها لا محل لها مثلها.

{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها وَاللهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ (٤١)}

الشرح: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها}: المعنى: أولم ير كفار مكة أنا نأتي الأرض، فنفتحها لمحمد صلّى الله عليه وسلّم أرضا بعد أرض حوالي أراضيهم، أفلا يعتبرون فيتعظون، ومعنى نقصان الأرض: فتح بلاد الشرك، فإن ما زاد في دار الإسلام فقد نقص في دار الشرك، وهذا قول ابن عباس وقتادة وجماعة من المفسرين، وقيل: نقصان الأرض: موت علمائها،

<<  <  ج: ص:  >  >>