للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خمسين، أو إلى ستين مثلا، وإن لم يصل رحمه؛ فعمره أربعون فقط، ثم إن سبق في علم الله الأزلي بأن رزقه كذا يوفقه لعمل الخير لينال الزيادة في الرزق والعمر، وإن لم يسبق في علم الله الأزلي بأن له كذا فلا يوفقه لعمل الخير، وهذا أحد تفسيرين لقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «من سرّه أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره، فليصل رحمه». رواه البخاري، ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.

وفي القرطبي: وقيل لابن عباس-رضي الله عنهما-لما روى الحديث الصحيح عن رسول الله أنه قال: «من أحبّ أن يمدّ الله في عمره وأجله، ويبسط له في رزقه فليتّق الله؛ وليصل رحمه». كيف يزاد في العمر والأجل؟ فقال: قال الله عز وجل: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ} فالأجل الأول أجل العبد من حين ولادته إلى حين موته، والأجل الثاني، من حين وفاته إلى يوم يلقاه في البرزخ لا يعلمه إلا الله، فإذا اتقى العبد، ووصل رحمه؛ زاده الله في أجل عمره الأول من أجل البرزخ ما شاء، وإذا عصى وقطع رحمه؛ نقصه الله من أجل عمره في الدنيا ما شاء، فيزيده في أجل البرزخ، فإذا تحتم الأجل في علمه السابق، امتنع الزيادة والنقصان، لقوله تعالى: {فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ} فتوافق الخبر والآية، وهذه زيادة في نفس العمر، وذات الأجل على ظاهر اللفظ في اختيار حبر الأمة، والله أعلم انتهى بحروفه. هذا؛ ولا يفوتني أن أقول: إن الزيادة في الرزق والعمر، إنما تكون بالبركة، وهذا ملموس في واقعنا، وتفسيره بأن الله يوفق واصل رحمه للعمل الصالح، وطاعة الله وامتثال أوامره، فيسجل في صحيفته حسنات في ثلاثين سنة أكثر مما يسجله غيره في ثمانين سنة أو أكثر. هذا؛ والأم: أصل الشيء، والعرب تسمي كل ما يجري مجرى الأصل للشيء أمّا، ومنه أم الرأس للدماغ، وأم القرى لمكة المكرمة، ومنه: {فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ} أي: إنه ساقط على أم رأسه في الهاوية، أي: إنهم يهوون في النار على رءوسهم.

الإعراب: {يَمْحُوا}: مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الواو للثقل. {اللهُ}:

فاعله. {ما}: اسم موصول أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل نصب مفعول به، والجملة الفعلية بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد أو الرابط محذوف؛ إذ التقدير: يمحو الله الذي، أو شيئا يشاء محوه، (يثبت): مضارع معطوف على ما قبله، والفاعل يعود إلى {اللهُ،} والمفعول محذوف، التقدير: يثبته، وقرئ بتشديد الباء، والجملة الفعلية: {يَمْحُوا..}. إلخ مستأنفة لا محل لها، والتي بعدها معطوفة عليها. (عنده): ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر مقدم، والهاء في محل جر بالإضافة. {أُمُّ}: مبتدأ مؤخر، و {أُمُّ}: مضاف، و {الْكِتابِ}:

مضاف إليه، والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها، أو مستأنفة، لا محل لها على الاعتبارين، وإن اعتبرتها في محل نصب حال من فاعل (يثبت) فلست مفندا، ويكون الرابط: الواو، والضمير.

<<  <  ج: ص:  >  >>