للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلف العلماء، وتقوم الجن خلف الناس، والشياطين خلف الجن، وتجيء الدواب التي في الجبال، فيقمن بين يديه، وترفرف الطيور على رءوس الناس، وهم يستمعون لقراءة داود، ويتعجبون منها لجمالها، فلما قارف الذنب؛ زال عنه ذلك. وقيل له: كان ذلك أنس الطاعة، وهذا ذل المعصية. انتهى. خازن في سورة (النساء). هذا؛ وأضيف: أن داود عليه السّلام كان حسن الصوت، وفي الآخرة يقرأ القرآن في الجنة، يجتمع عليه أهل الجنة، فيستمعون لقراءته، فلا يكون شيء ألذ عندهم من الاستماع إليه. وانظر ما أذكره في سورة (الأنبياء).

الإعراب: {وَرَبُّكَ:} الواو: حرف استئناف. (ربك): مبتدأ، والكاف في محل جر بالإضافة من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {أَعْلَمُ:} خبره، وفاعله مستتر فيه. {بِمَنْ:}

متعلقان به. وقيل: متعلقان بفعل محذوف، تقديره: يعلم. قاله الفارسي، ولا وجه له. {فِي السَّماواتِ:} متعلقان بمحذوف صلة الموصول. {وَالْأَرْضِ:} معطوف على ما قبله، والجملة الاسمية: {وَرَبُّكَ..}. إلخ مستأنفة، وعطفها على ما قبلها، لا بأس به، ولا محل لها على الاعتبارين. {وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ} انظر الإعراب في الآية رقم [٤١] تفصيلا، وجملة، و {بَعْضَ:}

مضاف، و {النَّبِيِّينَ:} مضاف إليه مجرور، وعلامة الجر الياء.. إلخ {عَلى بَعْضٍ:} متعلقان بالفعل {فَضَّلْنا،} والجملة القسمية مستأنفة، لا محل لها، وجملة: {وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً} معطوفة على جواب القسم لا محل لها مثله.

{قُلِ اُدْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً (٥٦)}

الشرح: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ:} وذلك لما ابتليت قريش بالقحط الشديد؛ حتى أكلوا الجيف، والحشرات، فاستغاثوا بالنبي صلّى الله عليه وسلّم ليدعو الله لهم، فأنزل الله هذه الآية الكريمة، والمراد: من زعمتم أنهم آلهة من ملائكة، وعزير، وعيسى، وأصنام، وشمس، وقمر... إلخ.

{فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ:} كالمرض، والجوع، والفقر، والقحط، ونحو ذلك؛ أي:

لا يقدرون على دفع شيء من ذلك. {وَلا تَحْوِيلاً} أي: لا يقدرون على تحويل شيء ممّا نزل بكم إلى غيركم، ولا تحويل الحال من العسر إلى اليسر... إلخ.

«زعم»: قال الشيخ مصطفى الغلاييني-رحمه الله تعالى-: الغالب في: «زعم» أن تستعمل للظن الفاسد، وهو حكاية قول، يكون مظنة الكذب، فيقال فيما يشك فيه، أو فيما يعتقد كذبه، ولذلك يقولون: «زعموا» مطية الكذب؛ أي: إن هذه الكلمة مركب للكذب، ومن عادة العرب أن من قال كلاما، وكان عندهم كاذبا. قالوا: زعم فلان؛ ولهذا جاء في القرآن الكريم في كل موضع ذمّ القائلون به، وقد يراد الزعم بمعنى: القول مجردا عن معنى الظن الراجح، أو الفاسد، أو المشكوك فيه، فإن كانت زعم بمعنى: تأمّر، وترأس، أو بمعنى: كفل به تعدت إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>