إذ المعنى: وأنا الذين يشربون الماء، ويشرب... إلخ. هذا؛ وقال ابن مالك-رحمه الله تعالى-في ألفيته:[الرجز] واعطف على اسم شبه فعل فعلا... وعكسا استعمل تجده سهلا
قال ابن عقيل-رحمه الله تعالى-في شرح هذا البيت: يجوز أن يعطف الفعل على الاسم المشبه للفعل كاسم الفاعل، ونحوه، ويجوز أن يعطف على الفعل الواقع موقع الاسم اسم، فمن الأول قوله تعالى... وذكر آية (العاديات) والاية التي نحن بصدد شرحها، وقال: ومن الثاني قول الشاعر: [الطويل] فألفيته يوما يبير عدوّه... ومجر عطاء يستحقّ المعابرا
ف:«مجر» عطاء معطوف على: «يبير» وقول الشاعر: [الرجز] بات يعشّيها بعضب باتر... يقصد في أسوقها وجائر
ف:«جائر» معطوف على: «يقصد». {يُضاعَفُ:} مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل فيه وجهان: أحدهما وهو الظاهر أنه الجار والمجرور: (لهم). والثاني: أنه ضمير التصدق، ولا بد من تقدير مضاف محذوف، التقدير: يضاعف لهم ثواب التصدق. والجملة الفعلية في محل رفع خبر {إِنَّ}. {وَلَهُمْ:}(الواو): حرف عطف. {لَهُمْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {أَجْرٌ:} مبتدأ مؤخر. {كَرِيمٌ:} صفة {أَجْرٌ،} والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل رفع مثلها.
الشرح:{وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ..}. إلخ: لقد اختلف في هذه الاية، هل الشهداء هم الصديقون، أم هم غيرهم؟ فقال مجاهد، وزيد بن أسلم: إن الشهداء، والصديقين هم المؤمنون أنفسهم، وروي معناه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، وعليه فلا يوقف على قوله:{الصِّدِّيقُونَ}. وهذا قول ابن مسعود-رضي الله عنه-في تأويل الاية. وروي عن ابن عباس، ومسروق-رضي الله عنهما-:
أن الشهداء غير الصديقين، مثل قوله تعالى في سورة (النساء) رقم [٦٩]: {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً}.
وعلى القول الأول ففي الشهداء قولان: أحدهما أنهم الرسل يشهدون على أممهم بالتصديق والتكذيب. قاله الكلبي، ودليله قوله تعالى في سورة (النساء) رقم [٤١]: {فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً (٤١)}.