{خاطَبَهُمُ:} فعل ماض، والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به. {الْجاهِلُونَ:} فاعله مرفوع، وعلامة رفعه الواو... إلخ والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة (إذا) إليها على المشهور المرجوح. {قالُوا:} فعل ماض، والواو فاعله، والألف للتفريق. {سَلاماً:} مفعول به ل: {قالُوا،} وإن كان مصدرا، فأعمل فيه القول؛ لأنه لم يحك قولهم بعينه، إنما حكى معنى قولهم، ولو حكى قولهم بعينه؛ لكان محكيا، ولم يعمل فيه القول: انتهى. مكي. وقيل: هو مفعول مطلق، عامله {قالُوا} من غير لفظه، وقيل: صفة مفعول مطلق محذوف، التقدير: قالوا قولا سلاما، والمعتمد الأول، وجملة:{قالُوا..}. إلخ جواب (إذا) لا محل لها، و (إذا) ومدخولها كلام معطوف على جملة الصلة، لا محل له مثلها، والجملة الاسمية:{وَعِبادُ الرَّحْمنِ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.
الشرح:{وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ:} قال الزجاج: بات الرجل، يبيت: إذا أدركه الليل، نام، أو لم ينم، ويقال: بات فلان يفعل كذا: إذا فعل ليلا، وليس بات بمعنى نام في الليل، تقول: بات فلان يصلي: إذا لم يزل يصلي بالليل، ومنه الآية الكريمة. قال زهير بن أبي سلمى المزني:[الطويل]
فبتنا قياما عند رأس جوادنا... يزاولنا عن نفسه ونزاوله
{سُجَّداً وَقِياماً:} المعنى: يبيتون لربهم في الليل بالصلاة سجدا على وجوههم، وقياما على أقدامهم. قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: من صلى ركعتين، أو أكثر بعد العشاء الأخيرة، فقد بات لله ساجدا، وقائما. وقال الكلبي: من أقام ركعتين بعد المغرب، وأربعا بعد العشاء، فقد بات ساجدا قائما. وعن عثمان بن عفان-رضي الله عنه-قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «من صلّى العشاء في جماعة؛ فكأنّما قام نصف اللّيل، ومن صلّى الصّبح في جماعة؛ فكأنّما صلّى اللّيل كلّه». رواه مالك ومسلم. هذا؛ وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٧٨] و [٧٩] من سورة (الإسراء)، وما ذكرته في الآية رقم [٣٨] من سورة (النور). ورحم الله من يقول في صفة عباد الرحمن الذين يبيتون لربهم سجدا وقياما:[الكامل]
امنع جفونك أن تذوق مناما... واذر الدّموع على الخدود سجاما
واعلم بأنّك ميّت ومحاسب... يا من على سخط الجليل أقاما
لله قوم أخلصوا في حبّه... فرضي بهم واختصّهم خدّاما
قوم إذا جنّ الظّلام عليهم... باتوا هنالك سجّدا وقياما
خمص البطون من التّعفّف ضمّرا... لا يعرفون سوى الحلال طعاما