الفعلية لا محل لها؛ لأنها جواب لشرط مقدر، التقدير: وإذا كان ما ذكر واقعا لا محالة؛ فاتقوا الله. (يا): أداة نداء تنوب مناب: أدعو. (أولي): منادى منصوب، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، وحذفت النون للإضافة، و (أولي) مضاف، و {الْأَلْبابِ:} مضاف إليه. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب بدلا من (أولي الألباب)، أو صفة له، وجملة:{آمَنُوا} مع المتعلق المحذوف صلة الموصول، لا محل لها. {قَدْ:} حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال. {أَنْزَلَ اللهُ:} ماض، وفاعله. {إِلَيْكُمْ:}
متعلقان بما قبلهما. {ذِكْراً:} مفعول به، والجملة الفعلية في محل نصب حال من (أولي الألباب) والرابط: الضمير فقط، والعامل في الحال أداة النداء لما فيها من معنى الفعل.
الشرح:{رَسُولاً يَتْلُوا..}. إلخ: أي: وأرسل إليكم رسولا، وهو محمد صلّى الله عليه وسلّم يقرأ عليكم آيات الله واضحات الدلالة، جليات البيان، تبين الحلال والحرام، وما تحتاجون إليه من الأحكام.
{لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ..}. إلخ: أي: ليخرج المؤمنين الصادقين المتقين من ظلمات الضلالة إلى نور الهدى، ومن ظلمات الكفر، والجهل إلى نور الإيمان، والعلم. قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: نزلت في مؤمني أهل الكتاب. وأضاف الإخراج إلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم؛ لأن الإيمان يحصل منه بطاعته، وامتثال أمره، والاهتداء بهديه، والأخذ بتعاليمه. {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ:}
يصدق به، ويعترف بواحدانيته. {وَيَعْمَلْ صالِحاً:} ويعمل عملا صالحا بامتثال أمره، واجتناب نهيه. {يُدْخِلْهُ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ} أي: يدخله في الاخرة جنات النعيم، تجري من تحت قصورها أنهار الجنة على اختلاف أنواعها، وتنوع مياهها؛ التي رأيتها في سورة (محمد صلّى الله عليه وسلّم) رقم [١٥]. وقد ذكرت لك مرارا: أن لفظ {الظُّلُماتِ وَالنُّورَ} مستعاران للكفر والإيمان.
{خالِدِينَ فِيها أَبَداً} أي: ماكثين في تلك الجنان أبدا، لا يخرجون منها، ولا يموتون، ولا يهرمون. روى مسلم عن جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أهل الجنّة يأكلون، ويشربون، ولا يبولون، ولا يتغوّطون، ولا يمتخطون، ولا يبزقون، يلهمون الحمد والتسبيح كما يلهمون النفس، طعامهم جشاء، ورشحهم المسك».
{قَدْ أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْقاً} أي: قد طيب رزقهم في الجنة، ووسعه لهم؛ لأن نعيمها دائم، لا ينقطع. قال الطبري، وغيره: أي: وسع لهم في الجنات الرزق، وهو ما رزقهم من المطاعم والمشارب، وسائر ما أعد لأوليائه فيها، فطيبه لهم. انتهى. وفي الاية معنى التعجب، والتعظيم