للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفعلية لا محل لها؛ لأنها جواب لشرط مقدر، التقدير: وإذا كان ما ذكر واقعا لا محالة؛ فاتقوا الله. (يا): أداة نداء تنوب مناب: أدعو. (أولي): منادى منصوب، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، وحذفت النون للإضافة، و (أولي) مضاف، و {الْأَلْبابِ:} مضاف إليه. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب بدلا من (أولي الألباب)، أو صفة له، وجملة: {آمَنُوا} مع المتعلق المحذوف صلة الموصول، لا محل لها. {قَدْ:} حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال. {أَنْزَلَ اللهُ:} ماض، وفاعله. {إِلَيْكُمْ:}

متعلقان بما قبلهما. {ذِكْراً:} مفعول به، والجملة الفعلية في محل نصب حال من (أولي الألباب) والرابط: الضمير فقط، والعامل في الحال أداة النداء لما فيها من معنى الفعل.

{رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللهِ مُبَيِّناتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُدْخِلْهُ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْقاً (١١)}

الشرح: {رَسُولاً يَتْلُوا..}. إلخ: أي: وأرسل إليكم رسولا، وهو محمد صلّى الله عليه وسلّم يقرأ عليكم آيات الله واضحات الدلالة، جليات البيان، تبين الحلال والحرام، وما تحتاجون إليه من الأحكام.

{لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ..}. إلخ: أي: ليخرج المؤمنين الصادقين المتقين من ظلمات الضلالة إلى نور الهدى، ومن ظلمات الكفر، والجهل إلى نور الإيمان، والعلم. قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: نزلت في مؤمني أهل الكتاب. وأضاف الإخراج إلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم؛ لأن الإيمان يحصل منه بطاعته، وامتثال أمره، والاهتداء بهديه، والأخذ بتعاليمه. {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ:}

يصدق به، ويعترف بواحدانيته. {وَيَعْمَلْ صالِحاً:} ويعمل عملا صالحا بامتثال أمره، واجتناب نهيه. {يُدْخِلْهُ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ} أي: يدخله في الاخرة جنات النعيم، تجري من تحت قصورها أنهار الجنة على اختلاف أنواعها، وتنوع مياهها؛ التي رأيتها في سورة (محمد صلّى الله عليه وسلّم) رقم [١٥]. وقد ذكرت لك مرارا: أن لفظ {الظُّلُماتِ وَالنُّورَ} مستعاران للكفر والإيمان.

{خالِدِينَ فِيها أَبَداً} أي: ماكثين في تلك الجنان أبدا، لا يخرجون منها، ولا يموتون، ولا يهرمون. روى مسلم عن جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أهل الجنّة يأكلون، ويشربون، ولا يبولون، ولا يتغوّطون، ولا يمتخطون، ولا يبزقون، يلهمون الحمد والتسبيح كما يلهمون النفس، طعامهم جشاء، ورشحهم المسك».

{قَدْ أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْقاً} أي: قد طيب رزقهم في الجنة، ووسعه لهم؛ لأن نعيمها دائم، لا ينقطع. قال الطبري، وغيره: أي: وسع لهم في الجنات الرزق، وهو ما رزقهم من المطاعم والمشارب، وسائر ما أعد لأوليائه فيها، فطيبه لهم. انتهى. وفي الاية معنى التعجب، والتعظيم

<<  <  ج: ص:  >  >>