للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما رزق الله المؤمن من الثواب، والنعيم المقيم. هذا؛ وقد قال تعالى في جزاء المؤمنين الصادقين في سورة (الأنفال) رقم [٤]: {لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} وقال في سورة (الحج) رقم [٥٠]: {فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} ومعنى (كريم): لا ينتهي عدده، ولا ينقطع مدده، صاف عن كد الاكتساب، وخوف الحساب، لا منة فيه، ولا عذاب.

هذا؛ وانظر شرح (الظلمات والنور) والاستعارة فيهما في الاية رقم [٩] من سورة (الحديد).

في الاية الكريمة التفات من الخطاب في: {عَلَيْكُمْ} إلى الغيبة بقوله: {آمَنُوا وَعَمِلُوا} وفيها مراعاة لفظ: (من) بفاعل {يُؤْمِنْ} وفاعل (يعمل)، ومراعاة معناها بقوله: {خالِدِينَ} ثم مراعاة لفظها بقوله: {قَدْ أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْقاً}. ففي هذه الاية مراعاة اللفظ أولا، ثم المعنى ثانيا، ثم اللفظ ثالثا.

الإعراب: {رَسُولاً:} قال أبو البقاء في نصبه أوجه: أحدها: أن ينتصب ب‍: {ذِكْراً} أي:

أنزل إليكم أن ذكر رسولا (أي: إن المصدر عمل لما أمكن حله أن المصدرية، والفعل ذكر).

والثاني: أن يكون بدلا من (ذكرا) ويكون الرسول بمعنى الرسالة، وجملة: {يَتْلُوا} على هذا يجوز أن تكون نعتا، وأن تكون حالا من اسم الله تعالى. والثالث: أن يكون التقدير: ذكرا شرف رسول. أو ذكرا ذكر رسول. ويكون المراد بالذكر: الشرف، وقد أقام المضاف إليه مقام المضاف. والرابع: أن ينتصب بفعل محذوف؛ أي: وأرسل رسولا. انتهى. بتصرف. ولمكي أقوال تشبه أوجه أبي البقاء، ونقل الجمل عن السمين تسعة أوجه، وصفوة القول: أن فيه وجهين معتمدين: أولهما: أن رسولا مفعول به لفعل محذوف، التقدير: وأرسل رسولا، أو وبعث رسولا، وهذا على اعتبار الرسول غير الذكر، وثانيهما: أن رسولا بدل من (ذكرا) على حذف مضاف، أو على بعض التفاسير؛ التي رأيتها.

{يَتْلُوا:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الواو للثقل، والفاعل يعود إلى {رَسُولاً،} والجملة الفعلية في محل نصب صفة {رَسُولاً،} أو في محل نصب حال من اسم الله تعالى، والرابط: الضمير على الاعتبارين، والمعتمد الأول. {عَلَيْكُمْ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {آياتِ:} مفعول به، وهو مضاف، و {اللهِ:} مضاف إليه. {مُبَيِّناتٍ:} صفة {آياتِ،} أو حال منها على اعتبار الإضافة أفادت تخصيصا، وهما منصوبان، وعلامة نصبهما الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنهما جمعا مؤنث سالمان. {لِيُخْرِجَ:} فعل مضارع منصوب ب‍: «أن» مضمرة بعد لام التعليل، والفاعل يعود إلى {رَسُولاً،} و «أن» المضمرة، والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل جر بلام التعليل، والجار والمجرور متعلقان بالفعل {يَتْلُوا}. {الَّذِينَ:}

مفعول به، وجملة: {آمَنُوا} مع المتعلق المحذوف صلة الموصول، لا محل لها، والتي بعدها معطوفة عليها، لا محل لها مثلها. {مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ:} كلاهما متعلقان بالفعل (يخرج).

<<  <  ج: ص:  >  >>