الشرح:{وَلا تَكُونُوا} أي: ناقضي العهد، أو في نقضه. {كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ} أي: من بعد إبرامه، وإحكامه، قال الكلبي، ومقاتل-رحمهما الله تعالى-: هذه امرأة من قريش، يقال لها: ريطة بنت عمرو بن سعد بن كعب بن زيد مناة بن تميم، وكانت خرقاء حمقاء، بها وسوسة، وكانت قد اتخذت مغزلا قدر ذراع، وصنارة مثل الإصبع، وفلكة عظيمة على قدرها، وكانت تغزل الغزل من الصوف، أو الشعر، أو الوبر، وتأمر جواريها بالغزل، فكن يغزلن من الغداة إلى نصف النهار، فإذا انتصف النهار أمرتهن بنقض جميع ما غزلن، فكان هذا من دأبها. والمعنى: أن هذه المرأة لم تكف عن العمل، ولا حين عملت كفت عن النقض، فكذلك من نقض العهد، لا تركه، ولا حين عاهد وفى به. انتهى. خازن.
{أَنْكاثاً:} جمع نكث، والنّكث والنقض بمعنى، المفعول بكسر النون، والمصدر:
تتخذون العهود، والمواثيق التي تبرمونها مع غيركم خداعا، وخيانة، وغشّا، ولفّا، ودورانا، ومكرا. هذا؛ والدخل، والدّخن، والدّغل بمعنى: واحد تقريبا.
{أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ:} والمعنى: لا تنقضوا ما أبرمتم من العهود، من أجل أن تكون قبيلة أقوى شكيمة من القبيلة التي عاهدتموها، قال مجاهد-رحمه الله تعالى-: وذلك: أنهم كانوا يحالفون الحلفاء فإذا وجدوا قوما أكثر من ذلك، وأعز؛ نقضوا حلف هؤلاء، وحالفوا الأكثر. {إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللهُ بِهِ} أي: يختبركم بما أمركم به من الوفاء بالعهد، وهو أعلم بكم.
وقيل: الخطاب للمسلمين، والمعنى: إنما يختبركم بكون قريش أقوى منكم لينظر أتتمسكون بما عاهدتم الله ورسوله، أم تغترون بكثرة قريش وثروتهم، وتنفرون من قلة المؤمنين، وفقرهم.
{وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ..}. إلخ: أي: في الدنيا من مصدّق بالبعث، والحساب، ومكذّب بذلك، فحينئذ يثبت المصدق الطائع، ويعاقب المكذب المسيء المخالف.
بعد هذا انظر شرح:{أُمَّةٌ} في الآية رقم [٣٦] وشرح (يبين) في الآية رقم [٤٤] وشرح {الْقِيامَةِ} في الآية رقم [٢٥] وإعلال كنتم في الآية [٤٣].
الإعراب:{وَلا:} الواو: حرف عطف. (لا): ناهية جازمة. {تَكُونُوا:} مضارع ناقص مجزوم ب: (لا)، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو اسمه، والألف