الاسمية تكون في محل رفع خبر المبتدأ الأول، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها، وإن اعتبرتها في محل نصب حال من تاء الفاعل؛ فالرابط: الواو، والضمير، ولكن الأول أقوى.
{مِنِّي:} جار ومجرور متعلقان ب: {أَفْصَحُ}. {لِساناً:} تمييز. {فَأَرْسِلْهُ:} الفاء هي الفصيحة، وانظر الآية رقم [١٦]. (أرسله): فعل دعاء، والفاعل تقديره: «أنت» والهاء مفعول به.
{مَعِي:} ظرف مكان متعلق بالفعل قبله منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم... إلخ، والياء في محل جر بالإضافة. {رِدْءاً:} مفعول به ثان، وقيل: حال من الضمير المنصوب، والجملة الفعلية: {فَأَرْسِلْهُ..}. إلخ لا محل لها على جميع الوجوه المعتبرة بالفاء. {يُصَدِّقُنِي:} فعل مضارع مرفوع، والفاعل يعود إلى {هارُونُ،} والنون للوقاية، وياء المتكلم مفعول به، والجملة الفعلية في محل نصب صفة: {رِدْءاً،} وقيل: في محل نصب حال من الضمير المنصوب، وعلى قراءته بالجزم يكون مجزوما بجواب الدعاء، والجملة الفعلية لا محل لها. {إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ} إعرابها مثل إعراب ما قبلها بلا فارق، والآية بكاملها في محل نصب مقول القول؛ لأنها من قول موسى على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام.
{قالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا أَنْتُما وَمَنِ اِتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ (٣٥)}
الشرح: {قالَ} أي: الله. {سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ} أي: سنقويك به، فإن قوة الشخص بقوة اليد على مزاولة الأمور؛ ولذلك يعبر عنه باليد، وشدتها بشدة العضد. هذا؛ وأصل العضد: العضو الذي هو المرفق إلى الكتف، ففي الكلام استعارة، وفيه قراءات ثمانية. هذا؛ والعضد تذكر، وتؤنث، وقال اللحياني: العضد مؤنثة لا غير، وهي العضو ما بين المرفق، والكتف، وجمعها:
أعضاد، وأعضد، وتكون بمعنى الناصر، والمعين، كما في قوله تعالى: {وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً}. وذلك على سبيل الاستعارة، قال أبو الشعر الهلالي من قصيدة له مستجادة: [البسيط]
كلا أخي وخليلي واجدي عضدا... في النّائبات وإلمام الملمّات
وتكون بمعنى القوة، كما في الآية الكريمة، وقال طرفة بن العبد: [السريع]
أبني لبينى لستم بيد... إلاّ يدا ليست لها عضد
ويقال في دعاء الخير: شدّ الله عضدك، وفي ضده: فتّ الله في عضدك. {وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً:} غلبة، وتسلطا، أو حجة واضحة. {فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما:} بالأذى من قتل، أو غيره، وقد استدل بهذه الآية على أن فرعون لم يقتل السحرة الذين آمنوا، ولم يسلط عليهم. {بِآياتِنا:}
المعنى: نمدكما بالمعجزات، ما تمتنعان به من أذاهم. {أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ} أي: لكما،