محل نصب حال من الضمير الواقع مفعولا به، والرابط: الواو، والضمير، وإنما قدرت الضمير مبتدأ؛ لأنّ الجملة المضارعية الواقعة حالا لا تقترن بالواو. قال ابن مالك-رحمه الله تعالى- في ألفيته: [الرجز]
وذات بدء بمضارع ثبت... حوت ضميرا ومن الواو خلت
وذات واو بعدها انو مبتدا... له المضارع اجعلنّ مسندا
{حَتّى إِذا جاءَنا قالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ (٣٨)}
الشرح: {حَتّى إِذا جاءَنا:} يعني الكافر وحده، وقرئ: «(جاآنا)» على التثنية يعني: الكافر العاشي، وقرينه الشيطان، وقد جعلا في سلسلة واحدة. {قالَ:} أي: العاشي الكافر لقرينه الشيطان: {يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ} أي: مشرق الشتاء، ومشرق الصيف، كما قال تعالى في سورة (الرحمن) رقم [١٧]: {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} قال مقاتل: يتمنى الكافر أن بينهما بعد مشرق أطول يوم في السنة إلى مشرق أقصر يوم في السنة، ولذلك قال: {بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ} وقال الفراء: أراد المشرق، والمغرب، فغلب اسم أحدهما، كما يقال: القمران:
للشمس، والقمر، والعمران: لأبي بكر، وعمر، والبصرتان: للكوفة، والبصرة، والعصران:
للغداة، والعصر، والأبوان، والوالدان: للأب، والأم وهو كثير مستعمل في القرآن الكريم، والكلام العربي. وأنشد أبو عبيدة لجرير: [البسيط]
ما كان يرضى رسول الله فعلهم... والعمران: أبو بكر، ولا عمر
وقال الفرزدق من قصيدة يهجو جريرا، ويفخر بها عليه: [الطويل]
أخذنا بآفاق السماء عليكم... لنا قمراها والنجوم الطّوالع
{فَبِئْسَ الْقَرِينُ} أي: فبئس الصاحب أنت؛ لأنّه يورده إلى النار. قال أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه-: إذا بعث الكافر زوّج بقرينه من الشياطين، فلا يفارقه؛ حتى يصير به إلى النار.
الإعراب: {حَتّى:} حرف ابتداء، وعند الأخفش حرف جر. {إِذا:} ظرف لما يستقبل من الزمان، خافض لشرطه، منصوب بجوابه، صالح لغير ذلك مبني على السكون في محل نصب.
{جاءَنا:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى (العاشي) المفهوم من: «يعشو» وعلى قراءة التثنية، فألف الاثنين فاعله، و (نا): مفعول به، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة: {إِذا} إليها على المشهور المرجوح. {قالَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى العاشي أيضا. {يا لَيْتَ:} (يا):
حرف تنبيه، وأجيز اعتبارها أداة نداء؛ والمنادى محذوف، تقديره: يا هذا مثلا. (ليت): حرف مشبه بالفعل. {بَيْنِي:} ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر: (ليت) تقدم على اسمها، فهو