للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة لقمان]

سورة (لقمان)، وهي مكية غير آيتين قال قتادة: أولهما: {وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ..}. إلى آخر الآيتين. وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: غير ثلاث آيات، أولهن: {وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ..}. إلخ. وهي أربع وثلاثون آية، وخمسمائة، وثمان وأربعون كلمة، وألفان ومائة وعشرة أحرف. انتهى. قرطبي، وخازن.

بسم الله الرّحمن الرّحيم

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

{الم (١) تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ (٢) هُدىً وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ (٣)}

الشرح: {الم:} انظر سورة (الروم). {تِلْكَ:} الإشارة إلى ما تضمنته السورة الكريمة من آيات القرآن، وإنما أدخل اللام على اسم الإشارة هنا، وفي كثير من الآيات، وهي للبعد، والسورة الكريمة؛ بل القرآن كله في متناول اليد، وذلك للإيذان بعلو شأنه، وكونه في الغاية القصوى من الفضل، والشرف، وعلو المكانة، فكأنه بسبب ذلك بعيد كل البعد. وانظر شرح {آياتُ} في الآية رقم [٢٠] من سورة (الروم). {الْكِتابِ الْحَكِيمِ:} المحكم؛ أي: لا خلل فيه، ولا تناقض. وقيل:

ذو الحكمة. وقيل: الحاكم. أو وصفه الله بالحكيم؛ لاشتماله على الحكم. أو لأنه كلام حكيم.

أو محكم آياته لم ينسخ منها شيء. هذا؛ وقد وصفه الله بالمبين في أول سورة (الشعراء)، وفي أول سورة (النمل)، وفي أول سورة (القصص) وهو بمعنى: الظاهر إعجازه، وصحته، وما فيه من الأحكام، والمبين للحق من الباطل، والحلال، والحرام، وقصص الأنبياء، ونبوة محمد صلّى الله عليه وسلّم، وغير ذلك. وقيل: {الْحَكِيمِ} بمعنى: المحكوم فيه؛ أي: حكم الله فيه بالعدل، والإحسان، وبالنهي عن الفحشاء. والمنكر، وبالجنة لمن أطاعه، وبالنار لمن عصاه.

{هُدىً وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ:} جمع: محسن، وهو الذي يعمل الحسنات التي ذكرها في الآية التالية، ووصف الله المحسنين في سورة (الذاريات) بقوله: {كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ (١٧) وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (١٨) وفى أموالهم حق للسائل اتاهم لذا؛ فالقول: إن المحسنين هم الذين يعملون جميع ما يحسن من الأعمال، ثم خص منهم القائمين بهذه الأعمال الثلاثة بفضل الاعتداد بها، فهو أولى بالاعتبار، وفي قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم لجبريل عليه السّلام: «الإحسان أن تعبد الله كأنّك تراه، فإن لم تكن تراه؛ فإنّه يراك». هذا؛ وقد قال الله تعالى في أول سورة

<<  <  ج: ص:  >  >>