{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ} سورة (الجاثية) وتسمى سورة (الشريعة) كلها مكية في قول الحسن، وجابر، وعكرمة. وقال ابن عباس، وقتادة-رضي الله عنهم أجمعين-: إلاّ آية، هي:{قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيّامَ اللهِ} رقم [١٤] نزلت بالمدينة في عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-. ذكره الماورديّ.
وقال المهدويّ، والنحاس عن ابن عباس-رضي الله عنهما-: إنها نزلت في عمر-رضي الله عنه-حين شتمه رجل من المشركين في مكة قبل الهجرة، فأراد أن يبطش به، فأنزل الله عزّ وجل:{قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا..}. إلخ ثم نسخت بقوله تعالى:{فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ..}.
إلخ رقم [٥] من سورة (التوبة). فالسورة كلها مكية على هذا من غير خلاف، وهي سبع وثلاثون آية. وقيل: ست وثلاثون آية، وأربعمئة، وثمان وثمانون كلمة، وألفان ومئة وواحد وتسعون حرفا. انتهى. قرطبي، وخازن.
الشرح:{إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} أي: في خلق السموات، والأرض، وهما خلقان عظيمان يدلاّن على قدرة القادر المختار لما فيهما من الصفات العجيبة، والأحوال الغريبة، والأمور البديعة. {لَآياتٍ:} لعلامات واضحة، ودلالات باهرة على كمال قدرة الله، وحكمته.
{لِلْمُؤْمِنِينَ:} الذين يصدقون بوجود الله، ووحدانيته. وخصّهم بالذكر؛ لأنهم هم الذين يتفكرون في صنع الله، فيتعظون، ويتذكرون، ولذا وصفهم الله بالآيتين التاليتين بالإيقان، والتعقل، وآية البقرة رقم [١٦٤] قد جمعت ما في الآيات الثلاث من دلالات على وجود الله ووحدانيته، وكمال قدرته، وحكمته. هذا؛ والتأكيد ب:{إِنَّ} واللام؛ لأنّ المخاطبين منكرون لوحدانية الله عزّ وجل.