للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإعراب: {وَلا تَقْرَبُوا:} انظر: {وَلا تَقْتُلُوا}. {الزِّنى:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف للتعذر، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، والجملة الاسمية: {إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً} تعليل للنهي، لا محل لها. {وَساءَ:} الواو: حرف عطف. (ساء): فعل ماض جامد لإنشاء الذم، وفاعله ضمير مستتر فسره التمييز، وهو {سَبِيلاً،} والمخصوص بالذم محذوف، تقديره: ذلك الفعل، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها. وقيل: هي في محل نصب مقول القول لقول محذوف معطوف على خبر {كانَ} التقدير: ومقولا فيه: {وَساءَ سَبِيلاً}. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.

{وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاّ بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً (٣٣)}

الشرح: {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاّ بِالْحَقِّ:} نهي عن قتل النفس بغير حق، وقتلها بحق يكون بإحدى ثلاث: كفر بعد إيمان، وزنى بعد إحصان، وقتل شخص عمدا معصوم بالإيمان، فعن عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يحلّ دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأنّي رسول الله إلاّ بإحدى ثلاث: الثّيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه، المفارق للجماعة». رواه الستة ما عدا ابن ماجة.

{وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً} أي: بغير سبب يوجب القتل. {فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ:} للذي يلي أمره بعد وفاته، وهو الوارث لماله، فهو يرث دمه أيضا. قال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ} وقال جل ذكره: {وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ} فيقتضي ذلك إثبات القود لسائر الورثة. {سُلْطاناً} أي: تسليطا، إن شاء قتل، وإن شاء عفا، وإن شاء أخذ الدية. وانظر الآية رقم [٩٩] من سورة (النحل).

{فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ:} فيه ثلاثة أقوال: لا يقتل غير قاتله، لا يقتل بدل وليه اثنين، لا يمثل بالقاتل إذا تمكن الولي من قتله، وقد كان العرب في الجاهلية يفعلون الأمور الثلاثة، ولا تزال آثار الجاهلية فاشية في هذا الزمن، وعلى الأكثر عند أعراب البادية. {إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً:} الضمير إما للمقتول، فإنه منصور في الدنيا بثبوت القصاص بقتل قاتله، وفي الآخرة بالثواب العظيم، وإما لوليه، فإن الله نصره حيث، أوجب القصاص له، وأمر الولاة بمعونته بالوصول إلى حقه.

قال القرطبي-رحمه الله تعالى-: فإن قيل: وكم من ولي مخذول لا يصل إلى حقه، قلنا:

المعونة تكون بظهور الحجة تارة، واستيفائها أخرى، وبمجموعهما ثالثة، فأيها كان؛ فهو نصر

<<  <  ج: ص:  >  >>