هذا وقد أجاز بعضهم اعتبار (ما) شرطية، فتكون مفعولا به مقدّما لفعل شرطها، وهو:
{عَلَّمْتُمْ،} وجملة: (كلوا...) إلخ في محل جزم جوابها، وتكون الجملة الشرطية برمّتها معطوفة على الطّيبات؛ لأنّها داخلة في الحلّ، أو مستأنفة لا محلّ لها، والغرض منها بيان نوع من أنواع الحلال، فهي من ذكر الخاص من بعد العام، كما يجوز اعتبار (ما) موصولة في محل رفع مبتدأ، والجملة الفعلية بعدها صلتها على نحو ما تقدّم، وتكون جملة:(كلوا...) إلخ في محل رفع خبرها، ودخلت الفاء في الخبر؛ لأنّ الموصول يشبه الشرط في العموم، وتكون الجملة اسمية يجوز فيها ما جاز فيها على اعتبارها شرطية. والمعتمد الأوّل في إعرابها.
{وَاذْكُرُوا:} الواو: حرف عطف. (اذكروا): فعل أمر، وفاعله. {اِسْمَ:} مفعول به، وهو مضاف، و {اللهُ:} مضاف إليه. {عَلَيْهِ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل: اذكروا، والجملة الفعلية معطوفة على جملة:(كلوا...) إلخ على جميع الوجوه المعتبرة فيها، ومثلها جملة:
(اتقوا الله). {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {اللهُ:} اسمها. {سَرِيعُ:} خبرها، وهو مضاف.
و {الْحِسابِ:} مضاف إليه من إضافة الصّفة المشبهة لفاعلها؛ إذ التقدير: سريع حسابه، والجملة الاسمية مفيدة للتّعليل، لا محلّ لها. تأمّل، وتدبّر، وربك أعلم.
الشرح:{الْيَوْمَ:} المراد به هنا اليوم الذي نزلت فيه هذه الآية. وقيل: بل المراد به يوم عرفة الّذي تقدّم ذكره في قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ..}. إلخ، ويكون ما ذكر في هذه الآية من إتمام النّعمة على المؤمنين بإحلال الطيبات، ونكاح العفيفات. وانظر شرح:{الطَّيِّباتُ} في الآية السّابقة.
{وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ} المراد بهم: اليهود، والنصارى، وذبائحهم خاصّة، وأمّا ما حرم علينا من طعامهم؛ فليس بداخل تحت عموم الخطاب. قال ابن عباس: قال الله تعالى في سورة (الأنعام): {وَلا تَأْكُلُوا مِمّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} ثم استثنى؛ فقال:{وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ} يعني: ذبيحة اليهودي، والنصراني، وإن كان النّصراني يقول عند الذبح:
باسم المسيح، واليهودي يقول: باسم عزير. {وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} يعني: وذبائحنا حلّ لهم، وهذا يدلّ على أنّهم مخاطبون بشريعتنا، ودليل على حل معاملتنا معهم ببيع، أو شراء. وينبغي أن