تنبيه: قال ابن زيد: لما نزلت الآية السابقة؛ قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «فكيف بالغضب يا ربّ».
فأنزل الله عز وجل هذه الآية.
الإعراب: {وَإِمّا:} الواو: حرف عطف. (إما): هي (إن) الشرطية مدغمة في (ما) الزائدة.
وانظر الآية رقم [٣٥]. {يَنْزَغَنَّكَ:} مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة التي هي حرف لا محل له، والكاف مفعول به. {مِنَ الشَّيْطانِ:} متعلقان بمحذوف حال من:
{نَزْغٌ،} كان صفة له، فلما قدم عليه صار حالا... إلخ. {نَزْغٌ:} فاعل، وجملة:
{يَنْزَغَنَّكَ..}. إلخ لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال لأنها جملة شرط غير ظرفي.
{فَاسْتَعِذْ:} الفاء: واقعة في جواب الشرط. (استعذ): أمر، وفاعله مستتر تقديره: «أنت».
{بِاللهِ:} متعلقان بما قبلهما، والجملة الفعلية في محل جزم عند الجمهور، والدسوقي يقول لا محل لها؛ لأنها لم تحل محل المفرد، والجملة الشرطية معطوفة على ما قبلها، أو هي مستأنفة، لا محل لها على الاعتبارين، والجملة الاسمية: {إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} تعليل للأمر، لا محل لها. هذا؛ وجواب (استعذ) محذوف، أي يدفعه عنك.
{إِنَّ الَّذِينَ اِتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ (٢٠١)}
الشرح: {اِتَّقَوْا:} انظر {التَّقْوى} في الآية رقم [٢٦]. {مَسَّهُمْ:} أصابهم. {طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ:} لمة منه، وهو اسم فاعل من طاف كأنها طافت بهم، ودارت حولهم، فلم تقدر أن تؤثر فيهم. أو من: طاف به الخيال، يطيف طيفا، وقرئ: «(طيف)» على أنه مصدر، وهما لغتان بمعنى واحد. وقيل: بينهما فرق فالطائف ما يطوف حول الإنسان، والطيف الوسوسة. وقال الأزهري: الطيف في كلام العرب: الجنون، وقيل للغضب: طيف؛ لأن الغضبان يشبه المجنون. {الشَّيْطانِ:} انظر الآية رقم [٤٩] من سورة (الأنفال)، و «ال» فيه للجنس، ولذا جمع الضمير العائد عليه في الآية التالية. {تَذَكَّرُوا} أي: قدرة الله، وإنعامه عليهم، فتركوا المعصية، وكفوا غضبهم. {فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ:} مواقع الخطأ، ومكايد الشيطان بسبب التذكر، فيبتعدون عمّا ذكر. هذا؛ وقد كثر ذكر الطيف، والخيال في الشعر العربي، وهو ما يرى في النوم، أو يتخيل في اليقظة. قال زياد بن حمل: [البسيط]
فقمت للطّيف مرتاعا فأرّقني... فقلت أهي سرت أم عادني حلم؟
الإعراب: {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {الَّذِينَ:} اسمها مبني على الفتح في محل نصب.
{اِتَّقَوْا:} ماض مبني على فتح مقدر على الألف المحذوفة لالتقائها ساكنة مع واو الجماعة التي هي فاعله، والألف للتفريق، والمفعول محذوف للتعميم، والجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها.
{إِذا:} ظرف لما يستقبل من الزمان، خافض لشرطه، منصوب بجوابه، صالح لغير ذلك، مبني على السكون في محل نصب. {مَسَّهُمْ:} ماض شرط: {إِذا،} والهاء مفعول به. {طائِفٌ:} فاعله،