للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنّه ممنوع من الصرف للعلمية، والعجمة، أو للتركيب المزجي. (أرسلنا): فعل، وفاعل، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محلّ لها مثلها.

{إِلَيْهِمْ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {رُسُلاً:} مفعول به.

{كُلَّما:} انظر إعرابها في الآية رقم [٦٤]. {جاءَهُمْ رَسُولٌ:} ماض، ومفعوله، وفاعله، و (ما) والفعل: (جاء) في تأويل مصدر في محل جر بإضافة: (كل) إليه. التقدير: كلّ وقت مجيء رسول، وهذا التقدير، وهذه الإضافة هما اللذان سببا الظرفية ل‍: (كل). {بِما:} جار ومجرور متعلّقان بما قبلهما، و (ما) تحتمل الموصولة، والموصوفة. {لا:} نافية. {تَهْوى:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمّة مقدّرة على الألف للتعذّر. {أَنْفُسُهُمْ:} فاعله، والهاء في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية صلة (ما) أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف، التقدير: كلما جاءهم رسول بالّذي، أو: بشيء لا تهواه أنفسهم. {فَرِيقاً:} مفعول به مقدّم. {كَذَّبُوا:} فعل ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية جواب: {كُلَّما} لا محلّ لها، وقيل: هذه الجملة مستأنفة، وجواب {كُلَّما} محذوف، التقدير: كلما جاءهم... إلخ ناصبوه العداء، فتكون الجملة: {فَرِيقاً كَذَّبُوا} دالة عليها، ومفسّرة لها، ويشهد لها قوله تعالى في سورة (البقرة) رقم [٧٨]: {أَفَكُلَّما جاءَكُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ،} والتي بعدها معطوفة عليها، و {كُلَّما} ومدخولها في محل نصب صفة: {رُسُلاً} والرابط محذوف؛ إذ التقدير: كلّما جاءهم رسول منهم... إلخ.

{وَحَسِبُوا أَلاّ تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تابَ اللهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ (٧١)}

الشرح: {وَحَسِبُوا..}. إلخ؛ أي: ظنّ اليهود: أن لا يصيبهم بلاء، وعذاب بفعلهم السيّئ من قتلهم الأنبياء، وتكذيبهم لهم فيما جاءوا به من عند ربهم. فعموا عن طريق الحق والصواب، فلم يبصروه. وهذا كناية عن عمى البصيرة لا البصر، قال تعالى في سورة الحج:

{فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}. {وَصَمُّوا:} عن استماع الموعظة، والنصيحة، كما فعلوا حين عبدوا العجل، ووعظهم هارون عليه السّلام، فلم يقبلوا منه.

و «الصمم»: هو كناية عن منع نفوذ الحقّ إلى قلوبهم، وسبب ذلك شدّة جهلهم، وقوّة كفرهم، وإعراضهم عن قبول الحقّ، وقوله تعالى: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} في سورة (البقرة) مثل ذلك. {ثُمَّ تابَ اللهُ عَلَيْهِمْ} أي: حين تابوا، واعتذروا؛ قبل الله توبتهم.

{ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا} يعني: في زمان عيسى، ويحيى، وزكريا، على نبينا، وحبيبنا، وعليهم جميعا ألف صلاة، وألف سلام؛ لأنّهم كذبوا عيسى، وقتلوا زكريا، ويحيى. وقيل: إنّ العمى

<<  <  ج: ص:  >  >>