للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (١٧٠)}

الشرح: {فَرِحِينَ..}. إلخ أي: الشهداء الذين قتلوا في سبيل الله أحياء عند ربهم، وهم فرحون بما هم فيه من النّعمة، ومستبشرون بإخوانهم الّذين يقتلون بعدهم في سبيل الله: أنّهم يقدمون عليهم، وأنهم لا يخافون ممّا أمامهم، ولا يحزنون على ما تركوه وراءهم. وقال محمد بن إسحاق-رحمه الله تعالى-: أي: ويسرّون بلحوق من لحقهم من إخوانهم على ما مضوا عليه من جهادهم، ليشركوهم فيما هم فيه من ثواب الله الذي أعطاهم.

وقال السّدّي-رحمه الله تعالى-: يؤتى الشهيد بكتاب، فيه: يقدم عليك فلان يوم كذا، وكذا، ويقدم عليك فلان يوم كذا، وكذا، فيسرّ بذلك، كما يسرّ أهل الدّنيا بغائبهم إذا قدم عليهم.

هذا؛ والاستبشار: هو الفرح، والسرور الذي يحصل للإنسان عند البشارة. وأصله: من البشرة؛ لأن الإنسان إذا فرح ظهر أثر السرور في وجهه. وانظر الفرح في الآية رقم [١٨٨] الآتية.

الإعراب: {فَرِحِينَ} فيه أربعة أوجه: أحدها: أنه حال من واو الجماعة في: {يُرْزَقُونَ}.

والثاني: أنه حال من الضمير في: {أَحْياءٌ}. والثالث: أنه حال من الضمير المستكن في الظرف. والرابع: أنه منصوب على المدح بفعل محذوف. وأقواها أولها. فهو منصوب، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض من التنوين في الاسم المفرد.

هذا وقرأ ابن أبي عبلة شاذّا: («فرحون») على أنّه نعت ل‍ {أَحْياءٌ} أو خبر متعدد للمبتدإ المقدّر قبله. {بِما:} جار ومجرور متعلقان ب‍ {فَرِحِينَ} و (ما) تحتمل الموصولة، والموصوفة، فهي مبنية على السكون في محل جر بالباء. {آتاهُمُ:} فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر، والهاء مفعول به. {اللهُ:} فاعله، والجملة الفعلية صلة (ما) أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف، التقدير: بالذي أو بشيء آتاهم الله إيّاه. {مِنْ فَضْلِهِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من الضمير الواقع مفعولا ثانيا، و {مِنْ} بيان لما أبهم في (ما)، {وَيَسْتَبْشِرُونَ:} الواو: حرف عطف. ({يَسْتَبْشِرُونَ}): فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون، والواو فاعله، والجملة الفعلية معطوفة على محل: {فَرِحِينَ} فهي في محل نصب حال مثله، أو هي في محل رفع خبر لمبتدإ محذوف، التقدير: وهم يستبشرون، وعليه فالجملة اسمية، وهي في محل نصب حال من الضمير المستتر في: {فَرِحِينَ} فهي حال متداخلة.

{بِالَّذِينَ:} متعلقان بما قبلهما. {لَمْ:} حرف نفي، وقلب، وجزم. {يَلْحَقُوا:} فعل مضارع مجزوم ب‍ {لَمْ} وعلامة جزمه حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محلّ لها. {بِهِمْ:} جار، ومجرور متعلقان بما قبلهما. {مِنْ خَلْفِهِمْ:} متعلقان

<<  <  ج: ص:  >  >>