للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبسورة (طه) بالواو، وفي سورة (الأعراف) ب‍: {ثُمَّ؛} لأن الواو صالحة للمهلة، فلا تنافي بين الآيات، وانظر شرح (اليد) في الآية رقم [٣٣].

تنبيه: قال الجمل-رحمه الله تعالى-نقلا عن كرخي: والحاصل: أنهم لما آمنوا بأجمعهم لم يأمن فرعون أن يقول قومه: إن هؤلاء السحرة على كثرتهم وبصيرتهم لم يؤمنوا إلا عن معرفتهم بصحة أمر موسى عليه السّلام، فيسلكون طريقهم، فلبّس على القوم، وبالغ في التنفير عن موسى من وجوه: أحدها: قوله: {قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ} والمعنى: أن مسارعتكم إلى الإيمان به دالة على ميلكم إليه، فتتطرق التهمة إليهم، فلعلهم قصروا في السحر حياء منه. وثانيها: قوله:

{إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ} وهذا تصريح بما رمز به أولا، وتعريض منه بأنهم فعلوا ذلك عن مواطأة بينهم وبين موسى، وقصروا في السّحر، ليظهر أمر موسى، وإلا ففي قوة السّحرة أن يفعلوا مثل ما فعل هو، وهذه شبهة قوية في تنفير من حوله. وثالثها: قوله: {فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} وهو وعيد، وتهديد شديدين. انتهى. هذا؛ وقيل: إنه فعل بهم ما توعدهم به من التقطيع، والتصليب، وقيل: لم يفعله بهم، ولم يرد في القرآن ما يدل على أنه فعل بهم ذلك. انتهى.

والقول الأول منقول عن الكلبي، وقال غيره: لم يقدر عليهم؛ لقوله تعالى: {فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ} الآية رقم [٣٥] من سورة (القصص).

الإعراب: {لَأُقَطِّعَنَّ:} اللام: واقعة في جواب قسم محذوف، (أقطعن): مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة، أو الخفيفة حسب القراءة التي هي حرف لا محل له، والفاعل مستتر تقديره: «أنا»، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها جواب القسم المحذوف، وكأنه قال: أقسم بعزتي، وعظمتي لأقطعن! وهذا الكلام مفسر للجملة القسمية في الآية السابقة، فهو في محل نصب مقول القول أيضا. {أَيْدِيَكُمْ:} مفعول به. {وَأَرْجُلَكُمْ:} معطوف على ما قبله، والكاف ضمير متصل في محل جر بالإضافة. {مِنْ خِلافٍ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف في محل نصب حال من الأيدي، والأرجل، التقدير: مختلفات. {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ:}

الواو: حرف عطف. وجملة {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ} معطوفة على ما قبلها، وإعرابها مثل سابقتها، والميم في الكل حرف دال على جماعة الذكور. {أَجْمَعِينَ:} تأكيد لمدلول الكاف، والميم، فهو منصوب، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد. وأخيرا أقول: إن الآيات في هذه السورة وفي سورة (الأعراف) وفي سورة (طه) متقاربة في المعنى والإعراب، وإن اختلفت في بعض الألفاظ.

{قالُوا لا ضَيْرَ إِنّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ (٥٠)}

الشرح: {قالُوا} أي: السحرة الذين آمنوا مجيبين إلى فرعون. {لا ضَيْرَ} أي: لا ضرر علينا فيما يلحقنا من عذاب الدنيا، بل لنا فيه أعظم النفع؛ لما يحصل لنا في الصبر عليه لوجه الله

<<  <  ج: ص:  >  >>