لم يميزوا بين خلق الله، وبين ما خلقت آلهتهم وأصنامهم التي يعبدونها. {قُلِ اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}: المعنى إذا تفكر هؤلاء المشركون بعقولهم وجدوا الله تعالى هو المنفرد بخلق سائر الأشياء، وما يعبده هؤلاء جمادات مخلوقة، بل هي من جملة ما خلق الله تعالى. {وَهُوَ الْواحِدُ} أي: المنفرد بخلق الأشياء كلها. {الْقَهّارُ}: لعباده، حتى يدخلهم تحت قضائه، وقدره، وإرادته، وانظر الآية رقم [٣٩] من سورة (يوسف) عليه السّلام، هذا؛ وفي الآية الكريمة رد على القدرية والمعتزلة الذين يقولون: إن العبد يخلق أفعاله، كما أنها ترد على من لا يعترف بالصانع الحكيم أيضا.
الإعراب:{أَمْ}: حرف عطف. {جَعَلُوا}: ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق. {اللهُ}: متعلقان بالفعل قبلهما، هذا؛ ويجوز اعتبارهما متعلقين بمحذوف حال من {شُرَكاءَ} كان صفة له، فلما قدم عليه صار حالا، على القاعدة:«نعت النكرة إذا تقدم عليها صار حالا». {خَلَقُوا}: فعل وفاعل. {كَخَلْقِهِ} متعلقان بما قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف صفة لمفعول مطلق محذوف، التقدير: خلقوا خلقا مشبها خلقه، والجملة الفعلية:{خَلَقُوا..}. إلخ في محل نصب صفة {شُرَكاءَ،} وجملة: {جَعَلُوا..}. إلخ معطوفة على ما قبلها فهي في محل نصب مقول القول مثلها. {فَتَشابَهَ}: الفاء: حرف عطف. (تشابه): ماض. {الْخَلْقُ}: فاعله. {عَلَيْهِمْ}:
متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة:(تشابه...) إلخ معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب مثلها؛ لأنها مفرعة عنها. {اللهُ خالِقُ}: مبتدأ وخبر، و {خالِقُ}: مضاف، و {كُلِّ}: مضاف إليه، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، و (كلّ): مضاف، و {شَيْءٍ}: مضاف إليه، والجملة الاسمية:{اللهُ..}. إلخ في محل نصب مقول القول، وجملة:{قُلْ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها، والجملة الاسمية:{وَهُوَ الْواحِدُ الْقَهّارُ} معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب مقول القول مثلها، وإن اعتبرتها مستأنفة؛ فلست مفندا. والحالية ضعيفة.
الشرح:{أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً} أي: من السحاب، أو من السماء نفسها، فإن المبادئ منها، قال الخازن: لما شبه الله الكافر بالأعمى، والمؤمن بالبصير، وشبه الكفر بالظلمات، والإيمان بالنور ضرب لذلك مثلا، قال تعالى:{أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً} يعني: المطر. {فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها} أي: فجرت أودية، والأودية لا تجري؛ فهو مثل: جرى النهر والمراد جرى الماء في النهر،