للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سماوات، وأرضين، وشمسا، وقمرا، وجبالا، وبحارا، وإنسا، وجنّا؟. {فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ} أي:

لم يميزوا بين خلق الله، وبين ما خلقت آلهتهم وأصنامهم التي يعبدونها. {قُلِ اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}: المعنى إذا تفكر هؤلاء المشركون بعقولهم وجدوا الله تعالى هو المنفرد بخلق سائر الأشياء، وما يعبده هؤلاء جمادات مخلوقة، بل هي من جملة ما خلق الله تعالى. {وَهُوَ الْواحِدُ} أي: المنفرد بخلق الأشياء كلها. {الْقَهّارُ}: لعباده، حتى يدخلهم تحت قضائه، وقدره، وإرادته، وانظر الآية رقم [٣٩] من سورة (يوسف) عليه السّلام، هذا؛ وفي الآية الكريمة رد على القدرية والمعتزلة الذين يقولون: إن العبد يخلق أفعاله، كما أنها ترد على من لا يعترف بالصانع الحكيم أيضا.

الإعراب: {أَمْ}: حرف عطف. {جَعَلُوا}: ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق. {اللهُ}: متعلقان بالفعل قبلهما، هذا؛ ويجوز اعتبارهما متعلقين بمحذوف حال من {شُرَكاءَ} كان صفة له، فلما قدم عليه صار حالا، على القاعدة: «نعت النكرة إذا تقدم عليها صار حالا». {خَلَقُوا}: فعل وفاعل. {كَخَلْقِهِ} متعلقان بما قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف صفة لمفعول مطلق محذوف، التقدير: خلقوا خلقا مشبها خلقه، والجملة الفعلية: {خَلَقُوا..}. إلخ في محل نصب صفة {شُرَكاءَ،} وجملة: {جَعَلُوا..}. إلخ معطوفة على ما قبلها فهي في محل نصب مقول القول مثلها. {فَتَشابَهَ}: الفاء: حرف عطف. (تشابه): ماض. {الْخَلْقُ}: فاعله. {عَلَيْهِمْ}:

متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة: (تشابه...) إلخ معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب مثلها؛ لأنها مفرعة عنها. {اللهُ خالِقُ}: مبتدأ وخبر، و {خالِقُ}: مضاف، و {كُلِّ}: مضاف إليه، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، و (كلّ): مضاف، و {شَيْءٍ}: مضاف إليه، والجملة الاسمية: {اللهُ..}. إلخ في محل نصب مقول القول، وجملة: {قُلْ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها، والجملة الاسمية: {وَهُوَ الْواحِدُ الْقَهّارُ} معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب مقول القول مثلها، وإن اعتبرتها مستأنفة؛ فلست مفندا. والحالية ضعيفة.

{أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً وَمِمّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النّارِ اِبْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمّا ما يَنْفَعُ النّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ (١٧)}

الشرح: {أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً} أي: من السحاب، أو من السماء نفسها، فإن المبادئ منها، قال الخازن: لما شبه الله الكافر بالأعمى، والمؤمن بالبصير، وشبه الكفر بالظلمات، والإيمان بالنور ضرب لذلك مثلا، قال تعالى: {أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً} يعني: المطر. {فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها} أي: فجرت أودية، والأودية لا تجري؛ فهو مثل: جرى النهر والمراد جرى الماء في النهر،

<<  <  ج: ص:  >  >>