للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التركيب أن يكون منصوبا على الحال من المصدر المضمر، المفهوم من الفعل المتقدم، وإنما أحوج سيبويه إلى هذا؛ لأن حذف الموصوف، وإقامة الصفة مقامه، لا يجوز إلا في مواضع محصورة، وليس هذا منها. {أَنْ:} حرف نفي بمعنى: «ما». {تُرِيدُ:} فعل مضارع، والفاعل مستتر تقديره: «أنت». {إِلاّ:} حرف حصر. {أَنْ:} حرف مصدري ونصب. {تَكُونَ:} فعل مضارع ناقص منصوب ب‍ {أَنْ،} واسمه مستتر تقديره: «أنت». {جَبّاراً:} خبر: {تَكُونَ}. {فِي الْأَرْضِ:} متعلقان ب‍ {جَبّاراً،} و {أَنْ تَكُونَ..}. إلخ في تأويل مصدر في محل نصب مفعول به، وجملة: {إِنْ تُرِيدُ..}. إلخ في محل نصب مقول القول، وجملة: {وَما تُرِيدُ..}. إلخ معطوفة عليها فهي في محل نصب مقول القول أيضا، وإعرابها مثلها بلا فارق.

{وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى قالَ يا مُوسى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النّاصِحِينَ (٢٠)}

الشرح: {وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ:} آخرها، أي: من مكان بعيد. {يَسْعى:} يسرع في مشيه، وأخذ طريقا قريبا حتى سبق إلى موسى، وأخبره، وأنذره بما سمع. {قالَ يا مُوسى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ:} يتشاورون بسببك. والائتمار: التشاور. يقال: الرجلان يتآمران، ويأتمران؛ لأن كل واحد منهما يأمر صاحبه بشيء، أو يشير عليه بأمر، و {الْمَلَأَ:} الأشراف، والسادة، ولا يقال لغيرهم؛ لأنهم يملئون العيون بكبريائهم، وزينتهم، وما يحاطون به من هيبة، وعظمة، وهو اسم جمع لا واحد له من لفظه، مثل: معشر، ورهط، ونحوهما. وانظر الآية رقم [٣٤] من سورة (الشعراء) تجد ما يسرك، ويثلج صدرك. {إِنِّي لَكَ مِنَ النّاصِحِينَ} أي: في الخروج من المدينة.

تنبيه: في سورة (يس) قدّم {مِنْ أَقْصَا} على: {رَجُلٌ؛} لأنه لم يكن من أقصاها، وإنما جاء منها. وهنا وصفه بأنه من أقصاها، وهما رجلان مختلفان، وقضيتان متباينتان، فما هنا في قضية موسى، وما هناك في قضية حواري عيسى. انتهى. جمل. وهل هذا الرجل من القبط، أو من بني إسرائيل؟ المعتمد: أنه من القبط، وأنه الرجل المذكور في الآية رقم [٢٨] من سورة (غافر) انظر شرحها هناك: إن شاء الله تعالى.

الإعراب: {وَجاءَ:} الواو: حرف استئناف. (جاء): فعل ماض. {رَجُلٌ:} فاعله، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها، وقبلها كلام محذوف يفهم من سياق القصة. {مِنْ أَقْصَا:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة: {رَجُلٌ} وعلامة الجر كسرة مقدرة على الألف، و {أَقْصَا} مضاف، و {الْمَدِينَةِ} مضاف إليه. {يَسْعى:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر، والفاعل يعود إلى: {رَجُلٌ،} والجملة الفعلية في محل رفع صفة ثانية ل‍:

{رَجُلٌ،} أو في محل نصب حال منه بعد وصفه بما تقدم على حد قوله تعالى: {وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ}

<<  <  ج: ص:  >  >>