والعوج بكسر العين، وفتحها، وقد فرق العرب بينهما، فخصوا المكسور بالمعاني، والمفتوح بالأعيان، تقول: في دينه عوج (بكسر العين)، وفي الجدار عوج (بالفتح).
هذا؛ و {غَيْرَ} اسم شديد الإبهام، لا يتعرف بالإضافة لمعرفة، وغيرها؛ فلذا وصفت به النكرة في قوله تعالى حكاية عن قول فرعون: {ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي} رقم [٣٨] من سورة (القصص)، وهو ملازم للإضافة، ويجوز أن يقطع عنها؛ إن فهم المعنى، وتقدمت كلمة:
«ليس» عليها، تقول: قبضت عشرة ليس غير، وهو مبني على الضم، أو على الفتح خلاف.
{لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ:} علة لقوله: {لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} فالأول سبب في الثاني. وعبارة البيضاوي:
علة أخرى مرتبة على الأولى؛ أي: لأن العلل يفهم منها التعليل، فعلل ضرب الأمثال أولا بالتذكر، والاتعاظ، ثم علل التذكر بالاتقاء؛ لأنه المقصود منه، فليس من تعليل معلول واحد بعلتين. انتهى. جمل نقلا عن الشهاب. هذا؛ وقال الخازن-رحمه الله تعالى-: فإن قلت:
ما الحكمة في تقديم التذكر في الآية الأولى على التقوى في هذه الآية؟ قلت: سبب تقديم التذكر: أن الإنسان إذا تذكر، وعرف، ووقف على فحوى الشيء، واختلط بمعناه؛ اتقاه، واحترز منه. انتهى. أقول: والحكمة من تقديم التعقل على التذكر، وتقديم التذكر على التقوى، انظرها في الآية رقم [١٥٣] من سورة (الأنعام).
الإعراب: {قُرْآناً:} فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أن يكون منصوبا على المدح؛ أي: بفعل محذوف؛ لأنه لما كان نكرة امتنع إتباعه ل: (القرآن). الثاني: أن ينتصب ب: {يَتَذَكَّرُونَ} أي:
يتذكرون قرآنا. الثالث: أن ينتصب على الحال من (القرآن) على أنها حال مؤكدة، وتسمى حالا موطئة؛ لأن الحال في الحقيقة {عَرَبِيًّا} و {قُرْآناً} توطئة له، نحو جاء زيد رجلا صالحا. انتهى.
جمل نقلا من السمين. والحالية هي التي قالها جميع المفسرين، وانظر أنواع الحال في الآية رقم [٧٣] الآتية. {عَرَبِيًّا:} صفة. {غَيْرَ:} صفة ثانية، ويجوز أن يكون حالا منه بعد وصفه ب: {عَرَبِيًّا،} و {غَيْرَ} مضاف، و {ذِي} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنه من الأسماء الخمسة، و {ذِي} مضاف، و {عِوَجٍ} مضاف إليه، وجملة: {لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} تعليل للتذكير، كما رأيت في الشرح، وإعرابها مثل إعراب سابقتها بلا فارق.
{ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٢٩)}
الشرح: {ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ} أي: مختلفون، سيئة أخلاقهم.
والشكس: السّيّئ الخلق، المخالف للناس، لا يرضى بالحق، والإنصاف. {وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ} أي: خالصا له، لا شريك له فيه، ولا منازع. والمعنى: واضرب يا محمد لقومك مثلا، وقل