{وَمِنَ النّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ (٣)}
الشرح: نزلت الآية الكريمة في النضر بن الحارث، كان كثير الجدل، وكان يقول:
الملائكة بنات الله، والقرآن أساطير الأولين، وكان ينكر البعث، وإحياء من صار ترابا. انظر ما ذكرته بشأنه في الآية رقم [٣٢/ ٣١] من سورة (الأنفال) تجد ما يسرك، ويثلج صدرك، ويقر عينك.
{وَيَتَّبِعُ} أي: في جداله، أو في عامة أحواله. {كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ:} المراد به: إبليس وجنوده، أو المراد: شياطين الإنس، وهم رؤساء الكفر الذين يدعون أتباعهم إلى الضلال، والفساد، و {مَرِيدٍ} متمرد مستمر في الإضلال، والإفساد يقال: مرد من بابي: نصر، وظرف:
إذا عتا وتجبر، فهو مارد، ومريد، وجمعه: مردة، ومرد، وماردون، ومرّاد، ومؤنثه: مرداء.
ومرد على الشيء: استمر عليه، قال تعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ} رقم [١٠١] من سورة (التوبة). انظر شرح شيطان في أول سورة (السجدة) في البسملة، والاستعاذة.
هذا، و (الله) علم على الذات الواجب الوجود، المستحق لجميع المحامد، وهو اسم الله الأعظم، الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى، وإنما تخلفت الإجابة في بعض الأحيان عند الدعاء به؛ لتخلف شروط الإجابة التي أعظمها أكل الحلال، ولم يسم به أحد سواه، قال تعالى: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} أي: هل تعلم أحدا تسمى الله غير الله؟ وقد ذكر في القرآن الكريم في ألفين وثلاثمئة وستين موضعا، وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٦٤] من سورة (مريم) عليهاالسّلام.
الإعراب: {وَمِنَ:} الواو: حرف استئناف. (من الناس): متعلقان بمحذوف في محل رفع خبر مقدم. {مِنَ:} اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر. {يُجادِلُ:} مضارع، والفاعل يعود إلى (من). {فِي اللهِ:} متعلقان بالفعل قبلهما.
{بِغَيْرِ:} متعلقان بمحذوف حال من الفاعل المستتر، أي: ملتبسا بغير علم، وجملة:
{يُجادِلُ..}. إلخ صلة (من)، أو صفتها، والعائد أو الرابط رجوع الفاعل إليها، والجملة الاسمية مستأنفة لا محل لها، هذا هو الإعراب الظاهر، والمتعارف عليه في مثل هذه الجملة. وانظر ما ذكرته في مثلها في الآية رقم [٤٥] من سورة (النور) تجد ما يسرك. (يتبع): مضارع، والفاعل يعود إلى (من). {كُلَّ:} مفعول به، و {كُلَّ} مضاف، و {شَيْطانٍ} مضاف إليه. {مَرِيدٍ:}
صفة {شَيْطانٍ،} وجملة {وَيَتَّبِعُ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها، والجملة الاسمية: {وَمِنَ النّاسِ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها.
{كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلاّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ (٤)}
الشرح: {كُتِبَ عَلَيْهِ:} قضى الله على الشيطان: {أَنَّهُ مَنْ تَوَلاّهُ:} تبعه، وتبع وساوسه، وزخارفه، وأحابيله. {فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ:} يضل من تولاه عن طرق الحق، والخير الموصل إلى