للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجملة الفعلية لا محل لها على اعتبارها مفسرة لجملة محذوفة، وفي محل رفع خبر الضمير على اعتباره مبتدأ، والجملة على الوجهين في محل نصب مفعول به ثان للفعل (أرأيتم)، والجملة الاسمية: {نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ} معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب مثلها. {لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً} انظر الاية رقم [٦٥] فالإعراب مثله بلا فارق. {فَلَوْلا:} (الفاء): حرف عطف، وسبب، أو هي الفصيحة؛ لأنها تفصح عن شرط مقدر، التقدير: وإذا كان ما ذكر واقعا، وحاصلا؛ فهلا حصل منكم شكر لله المنعم المتفضل؟! (لولا): حرف تحضيض. {تَشْكُرُونَ:}

فعل مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله، ومفعوله محذوف، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها على اعتبار الفاء عاطفة، ولا محل لها على اعتبارها الفصيحة، ولكن الجملة الشرطية معطوفة برمتها على ما قبلها. تأمل، وتدبر.

{أَفَرَأَيْتُمُ النّارَ الَّتِي تُورُونَ (٧١) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ (٧٢) نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ (٧٣) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٧٤)}

الشرح: {أَفَرَأَيْتُمُ النّارَ الَّتِي تُورُونَ} أي: أخبروني عن النار التي تظهرونها بالقدح من الشجر الرطب. {أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها} يعني: التي تكون منها الزناد. وقيل: المراد بذلك: شجر المرخ، والعفار، ينبت في أرض الحجاز، فيأتي من أراد قدح نار، وليس معه زناد، فيقطع منهما غصنين مثل السواكين، وهما خضراوان، يقطر منهما الماء، فيسحق المرخ-وهو ذكر-على العفار، وهو أنثى، فتنقدح النار بإذن الله تعالى، كالزناد سواء. وفي المثل: «في كل شجر نار، واستمجد المرخ والعفار». ولقد أحسن من قال: [البسيط] جمع النّقيضين من أسرار قدرته... هذا السّحاب به ماء به نار

{أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ} أي: الخالقون للشجر، ولغيره، وإذا عرفتم قدرتي؛ فاشكروني، ولا تنكروا قدرتي على البعث، والحساب، والجزاء. {نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً:} قال قتادة، ومجاهد -رحمهما الله تعالى-: أي: تذكر نار الدنيا النار الكبرى يوم القيامة. فعن أبي هريرة-رضي الله عنه- أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «ناركم هذه ما يوقد بنو آدم جزء واحد من سبعين جزآ من نار جهنّم». قالوا:

والله إن كانت لكافية! قال: «إنّها فضّلت عليها بتسعة وستين جزآ، كلّهنّ مثل حرّها» رواه مالك، والبخاري، ومسلم، والترمذي. وعن أبي هريرة أيضا عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «أوقد على النار ألف سنة حتى احمرّت، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضّت، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى اسودّت، فهي سوداء كالليل المظلم». رواه الترمذي، وابن ماجه، ويروى لفظ ألف برفعه، ونصبه.

{وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ:} منفعة للمسافرين، سموا بذلك لنزولهم القوى، وهو القفر، يقال: أقوت الدار، وقويت أيضا؛ أي: خلت من سكانها. قال النابغة في معلقته رقم [١]: [البسيط]

<<  <  ج: ص:  >  >>