الشرح:{وَاتَّقُوا النّارَ:} هذا الوعيد لمن استحل الرّبا، ومن استحلّ الرّبا؛ فإنّه يكفر، وكلّ معصية من يستحلّها؛ فإنه كافر، ويستحقّ النار، وبئس القرار. قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: هذا تهديد للمؤمنين أن يستحلّوا ما حرّم الله من الرّبا وغيره مما أوجب الله فيه النّار، وقال بعضهم: إن هذه الآية أخوف آية في القرآن؛ حيث أوعد الله المؤمنين بالنّار المعدّة للكافرين؛ إن لم يتقوه، ويجتنبوا محارمه. وقال الواحديّ-رحمه الله-: في هذه الآية تقوية لرجاء المؤمنين برحمة من الله تعالى؛ لأنه قال: أعدّت للكافرين، فجعلها معدّة للكافرين دون المؤمنين. وجوابه ما تقدّم من أنّ من استحلّ شيئا من محارم الله؛ فإنه كافر بالإجماع.
{الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ:} هيئت، وفيه دليل على أنّ النار موجودة الآن، وكذلك الجنّة، لقوله تعالى في كثير من الآيات:{أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}. وفيه ردّ على المعتزلة، وغيرهم الّذين ينكرون وجودهما الآن. هذا؛ وأصل:({اِتَّقُوا}): اوتقيوا، قلبت الواو تاء، وأدغمت بالتاء، وحذفت الضمة التي على الياء فالتقى ساكنان: الياء، والواو، فحذفت الياء، فصار:({اِتَّقُوا}) ثم قلبت الكسرة ضمّة لمناسبة الواو.
أمّا {النّارَ} فأصلها: النور، تحرّكت الواو، وانفتح ما قبلها، فقلبت ألفا. وهي المؤنث من المجازي، وقد تذكّر. وتصغيرها: نويرة، والجمع: أنور، ونيران، ونيرة، ويكنى بها عن جهنّم، الّتي سيعذب الله بها الكافرين، والفاسقين الفاسدين يوم الدّين، كما أنّها تستعار للشدّة، والضّيق، والبلاء، قال الشاعر:[الطويل]
وألقى على قيس من النّار جذوة... شديدا عليها حرّها والتهابها
فهي مستعارة في هذا البيت لشدّة النكاية؛ التي أذاقها قبيلة قيس. والفعل: نار، ينور، يستعمل لازما، ومتعديا؛ إذا بدئ بهمزة التعدية، كما في قولك: أنارت الشمس الكون.
الإعراب:{وَاتَّقُوا النّارَ:} إعرابه مثل ما قبله. {الَّتِي:} اسم موصول مبني على السكون في محل نصب صفة: {النّارَ}. {أُعِدَّتْ:} فعل ماض مبني للمجهول، والتاء للتأنيث، ونائب الفاعل يعود إلى النّار، والجملة الفعلية صلة الموصول لا محلّ لها. {لِلْكافِرِينَ:} متعلقان بما قبلهما، وجملة:{وَاتَّقُوا..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، لا محلّ لها مثلها.
الشرح: فهذه الآية تقرن طاعة الرّسول بطاعة الله تعالى، وهذا كثير في الآيات القرآنية، ومنه قوله تعالى في سورة (النساء) رقم [٨٠]: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ}. وانظر ما ذكرته