الشرح: معنى هذه الآية: أن الأطفال أمروا بالاستئذان في الأوقات الثلاثة المذكورة في الآية السابقة، وأبيح لهم الأمر في غير ذلك كما ذكرنا، ثم أمر الله تعالى في هذه الآية أن يكونوا إذا بلغوا الحلم على حكم الرجال في الاستئذان في كل وقت، وهذا بيان من الله عز وجل لأحكامه، وإيضاح حلاله وحرامه. وقال هنا:{فَلْيَسْتَأْذِنُوا} ولم يقل: فليستأذنوكم، وقال في الأولى: ليستأذنكم؛ لأن الأطفال غير مخاطبين، ولا متعبدين، وإنما المخاطب أولياؤهم.
هذا؛ وبينت في الآية رقم [٢٨] أن الاستئذان واجب حتى إن الرجل يستأذن على أمه كلما دخل عليها، وكرر سبحانه هنا قوله:{كَذلِكَ..}. إلخ للمبالغة، والتأكيد في الأمر بالاستئذان. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.
الإعراب:{وَإِذا:} الواو: حرف استئناف. (إذا): انظر الآية رقم [٣٩]. {بَلَغَ الْأَطْفالُ:}
ماض، وفاعله. {مِنْكُمُ:} متعلقان بمحذوف حال من {الْأَطْفالُ}. {الْحُلُمَ:} مفعول به، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة إذا إليها على القول المشهور المرجوح. {فَلْيَسْتَأْذِنُوا:}
الفاء: واقعة في جواب (إذا). (ليستأذنوا): مضارع مجزوم بلام الأمر، وعلامة جزمه حذف النون... إلخ، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية جواب (إذا)، لا محل لها، و (إذا) ومدخولها كلام مستأنف لا محل له. {كَمَا:} الكاف: حرف تشبيه وجر. (ما):
مصدرية. {اِسْتَأْذَنَ:} ماض. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل.
{مِنْ قَبْلِهِمْ:} متعلقان بمحذوف صلة الموصول، التقدير: الذين كانوا، أو وجدوا من قبلهم، والهاء في محل جر بالإضافة، و (ما) المصدرية، والفعل بعدها في تأويل مصدر في محل جر بالكاف. والجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة لمصدر محذوف يقع مفعولا مطلقا للفعل قبله، التقدير: فليستأذنوا استئذانا كائنا مثل استئذان الذين من قبلهم، وانظر مذهب سيبويه -رحمه الله تعالى-في الآية رقم [٥٥] وذلك بقوله تعالى: {كَمَا اسْتَخْلَفَ..}. إلخ هذا؛ وانظر إعراب:{كَذلِكَ..}. إلخ في الآية السابقة، فهو مثلها بلا فارق.
الشرح:{وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ:}(القواعد): جمع: قاعد بلا هاء؛ ليدل حذفها على أنه قعود الكبر، كما قالوا: امرأة حامل، ليدل بحذف الهاء على أنه حمل حبل، وقالوا في غير