للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك: قاعدة في بيتها، وحاملة على ظهرها. وقال مكي: على النسب، أي ذات قعود. وقيل:

حذفت الهاء للفرق بينه وبين القاعدة؛ أي الجالسة. انتهى. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٢] من سورة (الحج) تجد ما يسرك، و {النِّساءِ} اسم جمع لا واحد له من لفظه؛ لأن مفرده: امرأة، وجمعها في القلة: نسوة، وفي الكثرة: نساء، وتجمع أيضا على: نسوان، ونسون، ونسنين، وهذه الجموع كلها مأخوذة من النسيان الذي رأيته في الآية رقم [٢٤] من سورة (الكهف) فهي مطبوعة عليه؛ إما إهمالا، وإما كذبا. ويقال لكل واحد من هذه الجموع: اسم جمع، لا واحد له من لفظه. هذا؛ والمرأة مأخوذة من المرء، وهو الرجل؛ فلذا سميت بذلك، والأم الأولى حواء سميت بذلك؛ لأنها مأخوذ من: حي، وهو آدم عليهما السّلام.

هذا؛ والقواعد من النساء: اللاتي قعدن عن الولد، والمحيض. وقال ربيعة: هي التي إذا رأيتها تستقذرها من كبرها. أقول: والمراد من تجاوزت الستين من عمرها، فإنها لا يميل إليها، ولا يشتهيها إلا من كان في سنها، أو أسنّ منها. {اللاّتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً} أي: لا يردن الأزواج لكبرهن، فأما من كانت فيها بقية جمال، وهي محل الشهوة؛ فلا تدخل في حكم هذه الآية، والمراد: لا يرغبن في الزواج.

{فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ:} إثم، ومؤاخذة. {أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ} أي: الظاهرة كالملحفة والجلباب الذي فوق الخمار. وأقول: ولا حرج عليها في كشف دائرة وجهها إذا كانت قد سترت جميع جسدها، وكانت في السن التي ذكرتها، وغير متبرجة، ولكن مما يؤسف له، بل ويحز في القلب أن نرى في هذه الأيام بنت الستين، والسبعين متحجبة، متسترة، محتشمة، وبناتها، وكناتها، وقريباتها يمشين معها، وهنّ هالعات، خالعات من الحياء، خاليات، ومن الدين مارقات، ولا حول، ولا قوة إلا بالله!.

{غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ} أي: غير مظهرات من زينتهن، ومحاسنهن ما يجب عليهن ستره، وذلك ليستهوين الرجال، فإن ذلك من أقبح الأشياء، وأبعده عن الحق، والتبرج: التكشف، والظهور للعيون، ومنه بروج مشيدة، وبروج السموات والأسوار، أي: لا حائل دونها يسترها، ثم قيل: من التبرج أن تلبس المرأة ثوبين رقيقين يصفان حجم أعضائها، فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «صنفان من أهل النار، لم أر هما: قوم معهم سياط كأذناب البقر، يضربون بها النّاس، ونساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات رؤوسهنّ كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإنّ ريحها ليوجد من مسيرة كذا، وكذا». أخرجه مسلم، وغيره، وفي حديث آخر عن ابن عمر-رضي الله عنهما-: «العنوهنّ فإنّهنّ ملعونات».

وعن أبي موسى الأشعريّ، رضي الله عنه، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «أيّما امرأة استعطرت فمرّت على قوم؛ ليجدوا ريحها، فهي زانية، وكلّ عين زانية». رواه النسائي، وابن خزيمة، وابن حبّان في صحيحهما، وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٣٠ و ٣١].

<<  <  ج: ص:  >  >>