للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكسرة... إلخ، والهاء في محل جر بالإضافة. {وَكانَ:} الواو: واو الاعتراض. (كان): فعل ماض ناقص. {ذلِكَ:} اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع اسم: (كان)، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب، لا محلّ له. {عِنْدَ:} ظرف مكان متعلق بمحذوف حال من: {فَوْزاً،} كان صفة له... إلخ، و {عِنْدَ} مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه. {فَوْزاً:} خبر (كان). {عَظِيماً:}

صفة له، وجملة: (كان...) إلخ معترضة بين الفعلين المتعاطفين. وإن اعتبرتها في محل نصب حال من الإدخال والتكفير المفهومين؛ فلست مفندا، ويكون الرابط: الواو، والضمير.

{وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ الظّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً (٦)}

الشرح: {وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ..}. إلخ: يريد المنافقين، والمنافقات من أهل المدينة، والمشركين، والمشركات من أهل مكة. وإنما قدم المنافقين على المشركين في هذه الاية، وفي آخر سورة (الأحزاب) وغيرهما من المواضع؛ لأن المنافقين كانوا أشد على المؤمنين من الكافرين؛ لأن الكافر يمكن أن يحترز منه، ويجاهد؛ لأنه عدو مبين، والمنافق لا يمكن أن يحترز منه، ولا يجاهد، فلهذا كان شرّه أكثر من شرّ الكافر، فكان تقديم المنافق بالذكر أولى.

{الظّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ:} والمراد ظنهم: أن الله لا ينصر الرسول صلّى الله عليه وسلّم والمؤمنين، ولا يرجعهم إلى مكة ظاهرين فاتحيها عنوة، وقهرا. وقال القرطبي: يعني: ظنهم: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لا يرجع إلى المدينة، ولا أحد من أصحابه حين خرج إلى الحديبية، وأن المشركين يستأصلونهم، كما قال تعالى: {بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلى أَهْلِيهِمْ أَبَداً} الاية رقم [١٢] الاتية.

وهو أقوى. {عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ} أي: عليهم دائرة الهلاك، والوبال في الدنيا بالقتل، والسبي، والأسر، وفي الاخرة بجهنم. والدائرة في الأصل: عبارة عن الخط المحيط بالمركز، ثم استعملت في الحادثة المحيطة بمن وقعت عليه. وقرئ بضم السين، وفتحها لغتان: كالكره، والكره والضّعف، والضّعف؛ إلاّ أنّ المفتوح غلب في أن يضاف إليه ما يراد ذمّه من كل شيء، وأنّ المضموم جرى مجرى الشر، وكلاهما في الأصل مصدر. انتهى. بيضاوي، ونسفي. هذا؛ و {السَّوْءِ:} الشر، والفساد، والجمع أسواء، وهو بضم السين من ساءه، وهو بفتح السين المصدر، تقول: رجل سوء بالإضافة، ورجل السّوء، ولا تقول: الرجل السّوء. وتأنيثه:

السوأى، كما في قوله تعالى: {ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى} رقم [١٠] من سورة (الروم).

{وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ:} زيادة في تعذيبهم، وهلاكهم. {وَلَعَنَهُمْ:} أبعدهم وطردهم من رحمته. {وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ} أي: هيأها لهم في الاخرة، وهذا يفيد أنها مخلوقة الان ومعدة لمن

<<  <  ج: ص:  >  >>