ينقطع التعليل عن المعلل. هذا؛ ومن اعتبر اللام فيهما للأمر محتجا بقراءة ابن كثير، وحمزة، وعلي بسكون اللام على وجه التهديد والوعيد، كقوله تعالى:{فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ..}. إلخ فيكون الكلام مستأنفا، والوقوف على {يُشْرِكُونَ} جيد. {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ:} سوء تدبيرهم عند تدميرهم، فهذا تهديد، ووعيد صراحة.
قال الزمخشري-رحمه الله تعالى-: فإن قلت: كيف جاز أن يأمر الله بالكفر، وبأن يعمل العصاة ما شاءوا وهو ناه عنه، ومتوعد عليه؟! قلت: هو مجاز عن الخذلان، والتخلية، وأن ذلك الأمر متسخط إلى غاية، ومثاله: أن ترى الرجل قد عزم على أمر، وعندك: أن ذلك الأمر خطأ، وأنه يؤدي إلى ضرر عظيم، فتبالغ في نصحه، واستنزاله عن رأيه، فإذا لم تر منه إلا الإباء، والتصميم؛ حردت عليه، وقلت: أنت وشأنك، وافعل ما شئت! فلا تريد بهذا حقيقة الأمر. كيف والآمر بالشيء مريد له؟! وأنت شديد الكراهة، متحسر، ولكنك كأنك تقول له:
فإذا قد أبيت قبول النصيحة، فأنت أهل لأن يقال لك: افعل ما شئت، وتبعث عليه؛ ليتبين لك إذا فعلت صحة رأي الناصح، وفساد رأيك. انتهى. بحروفه. أقول: ومن هذه المشكاة قوله تعالى: {اِعْمَلُوا ما شِئْتُمْ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} رقم [٤٠] من سورة (فصلت).
الإعراب:{لِيَكْفُرُوا:} فعل مضارع منصوب ب: «أن» مضمرة بعد لام التعليل، وعلامة نصبه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل، والألف للتفريق، وأن المضمرة والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بالفعل {يُشْرِكُونَ}. هذا؛ وعلى اعتبار اللام لام الأمر، فالفعل مجزوم، والجملة الفعلية مستأنفة لا محل لها. {بِما:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، و (ما) تحتمل الموصولة والموصوفة، فهي مبنية على السكون في محل جر بالباء. {آتَيْناهُمْ:} فعل ماض مبني على السكون، و (نا): فاعله، والهاء مفعوله الأول، والمفعول الثاني، وهو العائد أو الرابط محذوف؛ إذ التقدير:(بالذي)، أو بشيء آتيناهموه. {وَلِيَتَمَتَّعُوا:} معطوف على {لِيَكْفُرُوا} على الوجهين المعتبرين فيه. {فَسَوْفَ:} الفاء: حرف استئناف، وقيل: هي الفصيحة، ولا وجه له. (سوف):
حرف تسويف، واستقبال. {يَعْلَمُونَ:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، ومفعوله محذوف، والجملة الفعلية مستأنفة لا محل لها.