قتلا، وسبيا؛ إذ كانت العرب حول الكعبة يغزو بعضهم بعضا، ويتغاورون، ويتناهبون، وأهل مكة قارّون آمنون فيها، لا يغزون، ولا يغار عليهم مع قلتهم، وكثرة العرب حولهم، فذكرهم الله هذه النعمة الخاصة بهم. هذا؛ والتخطف: الانتزاع، والأخذ بسرعة.
ولا تنس: أن ذلك كان تحقيقا لدعوة إبراهيم، وإجابة لسؤاله، فقد قال الله تعالى في سورة (البقرة) رقم [١٢٦]: {وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً،} وقال في السورة المسماة باسمه رقم [٣٥]: {وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً} فقد حقق الله رجاءه، وأجاب دعوته، والحمد لله رب العالمين، وكان ذلك فخرا للمسلمين إلى يوم الدين.
{أَفَبِالْباطِلِ} يعني: الشيطان، والأصنام. {يُؤْمِنُونَ} يؤملون أن تنفعهم، والمعنى: أبعد هذه النعمة الظاهرة وهي الأمن، والاستقرار في بلدهم، وغير هذه النعمة مما لا يقدر عليه إلا الله يؤمنون بالأصنام، وينقادون للشيطان؟! {وَبِنِعْمَةِ اللهِ يَكْفُرُونَ} أي: بمحمد صلّى الله عليه وسلّم والإسلام يكافرون؛ حيث أشركوا مع الله في العبادة أحقر خلقه. هذا؛ ولم يذكر الله الضمير:(هم) هنا، وذكره في سورة (النحل) رقم [٧٢] بقوله: {وَبِنِعْمَتِ اللهِ هُمْ يَكْفُرُونَ} لأن ما في سورة (النحل) اتصل بقوله تعالى: {وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً} وهو بالخطاب كما ترى، فلو ترك:(هم) لالتبست الغيبة بالخطاب بأن تبدل الياء تاء.
الإعراب:{أَوَلَمْ:} الهمزة: حرف استفهام إنكاري توبيخي. الواو: حرف عطف، أو حرف استئناف. (لم): حرف نفي، وقلب، وجزم. {يَرَوْا:} فعل مضارع مجزوم ب: (لم)، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل، والألف للتفريق، والفعل بصري، لا علمي. {أَنّا:} حرف مشبه بالفعل، و:(نا): اسمها، حذفت نونها، وبقيت الألف دليلا عليها. {جَعَلْنا:} فعل وفاعل. {حَرَماً:} مفعول به. {آمِناً:} صفة {حَرَماً،} وجملة: {جَعَلْنا حَرَماً آمِناً} في محل رفع خبر (أن)، و (أن) واسمها وخبرها في تأويل مصدر في محل نصب مفعول به، والجملة الفعلية:{أَوَلَمْ يَرَوْا..}. إلخ مستأنفة لا محل لها. {وَيُتَخَطَّفُ:} الواو: واو الحال. (يتخطف): فعل مضارع مبني للمجهول. {النّاسُ:}
نائب فاعل. {مِنْ حَوْلِهِمْ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة، وجملة:(يتخطف...) إلخ في محل رفع خبر لمبتدإ محذوف، التقدير: وهم يتخطف الناس من حولهم. والجملة الاسمية هذه في محل نصب حال من واو الجماعة، والرابط: الواو، والضمير. هذا؛ ولا يجوز اعتبار الجملة الفعلية حالا بمفردها؛ لاقترانها بالواو، وهي مضارعية، وهذا ممتنع كما هو معروف في القواعد النحوية.
قال ابن مالك-رحمه الله تعالى-في ألفيته:[الرجز] وذات بدء بمضارع ثبت... حوت ضميرا ومن الواو خلت