للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حالا... إلخ، و (لدن) مبني على السكون في محل جر، والكاف في محل جر بالإضافة.

{سُلْطاناً:} مفعول به أول. {نَصِيراً:} صفة له، وجملة: {وَاجْعَلْ لِي..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب مقول القول أيضا.

{وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً (٨١)}

الشرح: {وَقُلْ:} هذا الخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم. {جاءَ الْحَقُّ} أي: الإسلام، والقرآن. {وَزَهَقَ الْباطِلُ:} ذهب، وهلك الباطل بجميع أنواعه وصنوفه، من: زهقت روحه: إذا خرجت بصعوبة، كما في قوله تعالى: {وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ} والفعل من باب: فتح، وقد يأتي من باب:

فرح. {إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً} أي: مضمحلا غير ثابت، وذلك: أن الباطل؛ وإن كان له دولة، وصولة في وقت من الأوقات؛ فهو سريع الذهاب والزوال.

فعن عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه-قال: دخل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مكة يوم الفتح، وكان حول البيت ثلاثمائة وستون صنما، فجعل يطعنها بعود في يده، ويقول: {جاءَ الْحَقُّ..}. إلخ، {جاءَ الْحَقُّ وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ}. متفق عليه، يقال: إنها كانت مثبتة بالرصاص، وأنه كلما طعن منها صنما في وجهه خر لقفاه، أو في قفاه خر لوجهه، ويقرأ الآية، ثم أمر بها، فكسرت.

وكان قد بقي منها صنم خزاعة فوق الكعبة، وكان من قوارير صفر، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم لعليّ -رضي الله عنه-: «يا علي! ارم به». فصعد، فرمى به، فكسره، وقد حقق الله وعده، ونصر عبده، وأعز جنده.

تنبيه: في الآية الكريمة فن من فنون البلاغة يسمى فن التذييل، وهو أن يذيل الناظم، والناثر كلامه بعد تمامه، وحسن السكوت عليه بجملة تحقق ما قبلها من الكلام، وتزيده توكيدا وتجري منه مجرى المثل لزيادة التحقيق، فالجملة الأخيرة هي التذييل الذي خرج مخرج المثل السائر، ومن شواهده في النظم قول الحطيئة: [الطويل]

تزور امرأ يعطي على الحمد ماله... ومن يعط أثمان المحامد يحمد

فالشطر الثاني: من البيت مثل من الأمثال السائرة، وهذا التذييل نوع من أنواع الإطناب التي تذكر في مبحث المعاني، انظر كتاب القواعد بشرحنا وتحقيقنا، والله الموفق، والمعين، وبه أستعين.

بعد هذا بالإضافة لما رأيت من تفسير الباطل انظر الآية رقم [٧٢] من سورة (النحل). وانظر القول في الآية رقم [١٦] وشرح {جاءَ} في الآية رقم [٥] أما {الْحَقُّ} فهو ضد الباطل. قال الراغب: أصل «الحق» المطابقة، والموافقة كمطابقة رجل الباب في حقّه لدورانه على الاستقامة، و «الحق» يقال لموجد الشيء بحسب ما تقتضيه الحكمة، ولذلك قيل في الله تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>