للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونذيرا لهما، ولم يكن غيره عام الرسالة إلا نوح، عليه الصلاة والسّلام، فإنه عمّ برسالته جميع الإنس، والجن بعد الطوفان؛ لأنه بدأ به الخلق.

الإعراب: {تَبارَكَ:} ماض. {الَّذِي:} اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل. {نَزَّلَ:} ماض، وفاعله يعود إلى {الَّذِي} وهو العائد. {الْفُرْقانَ:} مفعول به. {عَلى عَبْدِهِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، والهاء في محل جر بالإضافة، وجملة: {نَزَّلَ..}. إلخ صلة الموصول لا محل لها. {لِيَكُونَ:} مضارع ناقص منصوب ب‍: «أن» مضمرة بعد لام التعليل، واسمه مستتر تقديره: «هو» يعود إلى {الَّذِي} وهو الله تعالى، أو عبده، وهو أوفق بالمقام، وأقوى في المعنى، كما أجيز عوده على الفرقان. {لِلْعالَمِينَ:} متعلقان بما بعدهما، وعلامة الجر الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد. {نَذِيراً:} خبر (يكون)، و «أن» المضمرة والفعل (يكون) في تأويل مصدر في محل جر بلام التعليل، والجار والمجرور متعلقان بالفعل {نَزَّلَ،} وجملة: {تَبارَكَ..}. إلخ لا محل لها؛ لأنها ابتدائية.

{الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً (٢)}

الشرح: {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} أي: هو المتصرف فيهما كيف يشاء. {وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً:} نزه سبحانه وتعالى نفسه عما قاله المشركون من أن الملائكة بنات الله، وعما قالته اليهود: عزير ابن الله، جل الله تعالى، وعما تقوله النصارى: المسيح ابن الله، تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا. {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ} أي: هو المنفرد بالإلهية، وفيه رد على الثنوية، والحلولية، وعبّاد الأوثان. {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ} أي: مما تطلق عليه صفة المخلوق، أحدثه إحداثا مراعيا فيه التقدير حسب إرادته، كخلقه الإنسان من مواد مخصوصة، وصور، وأشكال معينة. {فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً} أي: سواه، وهيأه لما يصلح له، لا خلل فيه، ولا تفاوت. وقيل: قدر كل شيء تقديرا من الأجل، والرزق، فجرت المقادير على ما خلق. ولا شبهة فيه لمن يقول: إن الله شيء، ويقول بخلق القرآن؛ لأن الفاعل بجميع صفاته، لا يكون مفعولا له، على أن لفظ شيء اختص بما يصح أن يخلق بقرينة خلق، وهذا أوضح دليل لأهل السنة والجماعة في الرد على المعتزلة في خلق أفعال العباد. انتهى. نسفي بتصرف.

وقال البيضاوي-رحمه الله تعالى-: فقدّر كل شيء، وهيأه لما أراد منه من الخصائص، والأفعال، كتهيئة الإنسان للإدراك، والفهم، والنظر، والتدبير، واستنباط الصنائع المتنوعة، ومزاولة الأعمال المختلفة، إلى غير ذلك. أو: فقدره للبقاء إلى أجل مسمى. وقد يطلق الخلق

<<  <  ج: ص:  >  >>