للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَلَمّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ ما كانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ إِلاّ حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِما عَلَّمْناهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٦٨)}

الشرح: {وَلَمّا دَخَلُوا} أي: المدينة. {مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ} أي: من أبواب متفرقة. {ما كانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللهِ..}. إلخ: أي: لم ينفعهم رأي يعقوب بالدخول من أبواب متفرقة، أو لم ينفعهم الدخول نفسه. {إِلاّ حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها}: وهي شفقته عليهم، وتحرزه من أن ينالهم سوء، أو يعانوا بلاء وشدة. {قَضاها}: أظهرها، ووصى بها أولاده، قيل: هي خوفه عليهم من العين، وقيل: خوفه من حسد أهل مصر. {وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ} أي: صاحب علم وعمل بما يعلم. {لِما عَلَّمْناهُ} أي: لتعليمنا إياه ذلك العلم، وذلك بالوحي ونصب الحجج والبراهين، ولذا لم يغتر بتدبيره وإرشاده، فقال: {وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ} {وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ} أي: لا يعلمون ما يعلم يعقوب من أمر دينه، وقال البيضاوي: لا يعلمون سر القدر، وأنه لا يغني عنه الحذر.

الإعراب: {وَلَمّا}: الواو: حرف استئناف. (لما): انظر الآية رقم [٥٩] {دَخَلُوا}: ماض وفاعله، والألف للتفريق. {مِنْ حَيْثُ}: متعلقان بالفعل قبلهما، وحيث مبني على الضم في محل جر. {أَمَرَهُمْ}: ماض، والهاء مفعول به. {أَبُوهُمْ}: فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمة؛ لأنه من الأسماء الخمسة، والهاء في محل جر بالإضافة، وجملة: {أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ} في محل جر بإضافة {حَيْثُ} إليها، وجملة: {دَخَلُوا..}. إلخ ابتدائية لا محل لها على اعتبار (لما) حرفا، وفي محل جر بإضافة (لمّا) إليها على اعتبارها ظرفا. {لَمّا}: نافية. {كانَ}: ماض ناقص، واسمه مستتر تقديره: «هو» يعود إلى رأي يعقوب المفهوم من المقام. أو إلى الدخول نفسه المفهوم من (دخلوا). {يُغْنِي}: مضارع مرفوع... إلخ، وفاعله، يعود إلى ما عاد إليه اسم كان.

{عَنْهُمْ}: متعلقان بالفعل قبلهما. {مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ}: انظر إعرابهما في الآية السابقة، ويزاد جواز اعتبار: {شَيْءٍ} فاعلا ل‍ {يُغْنِي} وهو ضعيف، وجملة: {يُغْنِي..}. إلخ في محل نصب خبر كان، وجملة: {ما كانَ..}. إلخ جواب (لمّا) لا محل لها قال سليمان الجمل: وفيه حجة لمن يدعي كون (لمّا) حرفا، لا ظرفا؛ إذ لو كانت ظرفا لعمل فيها جوابها؛ إذ لا يصلح للعمل سواه، لكن ما بعد ما النافية لا يعمل فيها قبلها، وأجاز أبو البقاء اعتبار جملة: {آوى..}. إلخ في الآية التالية جوابا ل‍ (لمّا) هذه، وللثانية الآتية، كقولك: لمّا جئتك، ولمّا كلمتك؛ أجبتني، ثم قال:

وحسن ذلك: أن دخولهم على يوسف يعقب دخولهم من الأبواب، كما أجاز اعتبار الجواب محذوفا، تقديره: امتثلوا، أو قضوا حاجة أبيهم ونحوه، وعلى الاعتبارين فجملة: {ما}

<<  <  ج: ص:  >  >>