الشرح: قيل: لما انتهى موسى ومن معه إلى البحر، هاج البحر، وهاجت الرياح، وصار البحر يرمي بموج كالجبال، قال يوشع بن نون: يا كليم الله! أين أمرت؛ فقد غشينا فرعون من خلفنا، والبحر أمامنا؟ قال موسى: هاهنا، فخاض يوشع الماء، لا يواري حافر دابته، وقال الذي يكتم إيمانه-وهو مؤمن آل فرعون، واسمه حزقيل-: يا كليم الله! أين أمرت؟ قال: هاهنا. فكبح فرسه، فصكه بلجامه، حتى طار الزبد من شدقه، ثم أقحم البحر، فارتسب في الماء، وذهب القوم يصنعون مثل ذلك، فلم يقدروا، فجعل موسى لا يدري كيف يصنع! فأوحى الله إليه، أن اضرب بعصاك البحر، فضربه، فانفلق، فإن الرجل واقف على فرسه، لم يبتل سرجه، ولا لبده. انتهى. خازن بتصرف. وهذا إحدى الآيات التي أيد الله بها موسى، وانظر الآية رقم [١٢] من سورة (النمل).
{فَانْفَلَقَ:} فانشق اثني عشر فرقا بعدد أسباط بني إسرائيل المنسوبين إلى أولاد يعقوب الاثني عشر على نبينا، وعليهم ألف صلاة، وألف سلام. ووقف الماء كالطود، أي: الجبل العظيم، فصار ما بين تلك الأطواد طرقا يابسة، كما ذكر الله في الآية رقم [٧٧] من سورة (طه) بعد هذا فالبحر: الماء الكثير، أو الملح، والجمع: بحور، وبحار، وأبحر. وضد البحر: البر، وهو بفتح الباء: الأرض اليابسة، وهو بضم الباء: حب القمح، وبكسرها: عمل الخير مطلقا، وقد ثبت جغرافيا: أن مساحة البحر، تعدل ثلاثة أضعاف مساحة البر. وروي أن أنواع المخلوقات، وأجناسها الموجودة في أعماق البحار أكثر ممّا يوجد على سطح الأرض. والله أعلم. و {فِرْقٍ:} قطعة من ماء البحر.
و (الطود): الجبل العظيم كما رأيت، ومنه قول امرئ القيس:[الوافر]
فبينا المرء في الأحياء طود... رماه النّاس عن كثب فمالا
وجمعه: أطواد، قال الأسود بن يعفر:[الكامل]
حلّوا بأنقرة يسيل عليهم... ماء الفرات يجيء من أطواد
الإعراب:{فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ اضْرِبْ:} انظر إعراب هذه الكلمات في الآية رقم [٥٣].
{بِعَصاكَ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، وعلامة الجر كسرة مقدرة على الألف للتعذر، والكاف ضمير متصل في محل جر بالإضافة. {الْبَحْرَ:} مفعول به، وجملة:{فَأَوْحَيْنا..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. {فَانْفَلَقَ:} الفاء: حرف عطف. (انفلق): فعل ماض، والفاعل تقديره:
«هو» يعود إلى {الْبَحْرَ،} والجملة الفعلية معطوفة على جملة محذوفة معطوفة بدورها على جملة: (أوحينا...) إلخ لا محل لهما مثلها. انظر التقدير في الشرح. {فَكانَ:} الفاء: حرف