للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جره الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنه جمع مؤنث سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، والجملة الفعلية: {كَيْفَ كانَ..}. إلخ في محل نصب مفعول به للفعل: (انظر) المعلق عن العمل لفظا بسبب الاستفهام، والجملة الفعلية: {فَانْظُرْ..}. إلخ لا محل لها؛ لأنها جواب شرط غير جازم، التقدير: وإذا كان ما وقع حاصلا؛ فانظر معتبرا بما حصل.

{وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً قالَ يا قَوْمِ اُعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ وَلا تَبْخَسُوا النّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٨٥)}

الشرح: {وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً} أي: وأرسلنا إلى مدين... إلخ، و {مَدْيَنَ} اسم رجل، وهو مدين بن إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسّلام، فعلى هذا يكون المعنى: وأرسلنا إلى ولد مدين، ومدين اسم للقبيلة، كما يقال: بنو تميم، وبنو عدي. وقيل: مدين اسم للماء الذي كانوا عليه. وقيل: هو اسم للمدينة. وعلى هذين القولين يكون المعنى: وأرسلنا إلى أهل مدين.

والصحيح هو الأول، لقوله: {أَخاهُمْ شُعَيْباً} يعني: في النسب لا في الدين، وشعيب هو ابن ميكيل، بن يشجر، بن مدين، بن إبراهيم عليه السّلام، وأم ميكيل هي بنت لوط عليه السّلام، وكان يقال لشعيب-عليه السّلام-: خطيب الأنبياء لحسن مراجعته قومه، وكانوا أهل كفر، وبخس في المكيال، والميزان. انتهى خازن بتصرف. وقد صرح سبحانه هنا بتعيين المرسل إليهم... إلخ انظر الآية رقم [٦٥]. {قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ}. انظر شرح هذه الكلمات في الآية رقم [٥٩]. {جاءَتْكُمْ:} انظر الآية رقم [٤]. {بَيِّنَةٌ:} معجزة واضحة ظاهرة الدلالة على نبوتي، وبرهان جلي على صدقي بأني رسول الله إليكم.

قال الخازن: لأنه لا بد لكل نبي من معجزة تدل على صدق ما جاء به من عند الله؛ غير أن تلك المعجزة التي كانت لشعيب لم تذكر في القرآن، وليست كل معجزات الأنبياء مذكورة في القرآن. وقيل: أراد بالبينة: مجيء شعيب بالرسالة إليهم. وقيل: أراد بالبينة: الموعظة فيما يلي، وهي قوله: {فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ} انتهى. والمعنى: أتموا الكيل، والميزان، وأعطوا الناس حقوقهم، وكانوا يضيفون إلى كفرهم بخس المكيال، والميزان، فيطففون الكيل، ويرجحون الميزان إذا أخذوا، وينقصونهما إذا أعطوا، كما قال تعالى: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (١) الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النّاسِ يَسْتَوْفُونَ (٢) وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ}. وانظر: {وَالْمِيزانَ} في الآية رقم [٨]. {النّاسَ:} انظر الآية رقم [٨١].

<<  <  ج: ص:  >  >>