للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن العمل لفظا بسبب الاستفهام، و «أن» المضمرة والفعل: (ننظر) في تأويل مصدر في محل جر بلام التعليل، والجار والمجرور متعلقان بالفعل: {جَعَلْناكُمْ،} وجملة: {جَعَلْناكُمْ..}. إلخ معطوفة على جملة: {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا..}. إلخ في الآية السابقة لا محل لها مثلها.

{وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا اِئْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاّ ما يُوحى إِلَيَّ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥)}

الشرح: {تُتْلى}: تقرأ. {عَلَيْهِمْ}: على كفار قريش. {آياتُنا}: آيات القرآن.

{تَبَيَّنَتِ}: واضحات لا لبس فيها، ولا إشكال. {قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا} أي: لا يخافون يوم البعث والحساب، ولا يرجون الثواب، وهم أهل مكة، وانظر: {لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا} في الآية رقم [٧]. {اِئْتِ}: أمر من (أتى). وهو يستعمل لازما، إن كان بمعنى: حضر وأقبل، ومتعديا إن كان: بمعنى وصل وبلغ، فمن الأول قوله تعالى: {أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ} ومن الثاني قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ..}. إلخ هذا؛ وإعلال {اِئْتِ} مثل إعلال {اِئْذَنْ} في الآية رقم [٤٩] من سورة (التوبة)، {اِئْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ}: قال القرطبي: الفرق بين تبديله، والإتيان بغيره: أن تبديله لا يجوز أن يكون معه، والإتيان بغيره قد يجوز أن يكون معه، وفي قولهم ذلك ثلاثة أوجه:

-أحدها: أنهم سألوه أن يحول الوعد وعيدا، والوعيد وعدا، والحلال حراما، والحرام حلالا، قاله ابن جرير الطبري.

-الثاني: أنهم سألوه أن يسقط ما في القرآن من عيب آلتهم، وتسفيه أحلامهم، قاله ابن عيسى.

-الثالث: أنهم سألوه إسقاط ما فيه من ذكر البعث والنشور، قاله الزجاج.

{قُلْ ما يَكُونُ لِي}: ما ينبغي ولا يصح لي. {أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي}: من قبل نفسي، أو من جهتي، وانظر شرح النفس في الآية رقم [٩] من سورة (الأعراف)، وشرح {تِلْقاءِ} في الآية رقم [٤٧] منها. {إِنْ أَتَّبِعُ إِلاّ ما يُوحى إِلَيَّ} أي: لا أتبع إلا ما أتلوه عليكم من وعد وعيد، وتحريم وتحليل، وأمر ونهي. {إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي}: أي: إن خالفت في تبديله، وتغييره، أو في ترك العمل به.

هذا؛ وانظر: «الخوف» و «التخوف» في الآية رقم [٥٥] من سورة (الأعراف)، أو الآية رقم [١٣] من سورة (الرعد)، بعد هذا؛ ولا تنس أن في هذه الآية التفافا بالنسبة لما قبلها من الخطاب إلى الغيبة، وانظر الالتفاف في الآية رقم [٥٠] الآتية.

<<  <  ج: ص:  >  >>