للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بتصرف. {يَرْهَبُونَ:} فعل، وفاعل، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية:

{هُمْ لِرَبِّهِمْ..}. إلخ صلة الموصول لا محل لها. تأمل، وتدبر، وربك أعلم.

{وَاِخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا فَلَمّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيّايَ أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنّا إِنْ هِيَ إِلاّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ أَنْتَ وَلِيُّنا فَاغْفِرْ لَنا وَاِرْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ (١٥٥)}

الشرح: {مُوسى:} انظر الآية رقم [١٠٢]. {قَوْمَهُ:} انظر الآية رقم [٣٢]. {رَجُلاً:} انظر الآية رقم [٤٦]. {لِمِيقاتِنا} أي: للوقت الذي وعدناه بإتيانهم فيه؛ ليعتذروا من عبادة أصحابهم العجل. وانظر إعلال (ميزان) في الآية رقم [٨] فهو مثله.

روي: أن الله تعالى أمر موسى أن يأتيه بسبعين رجلا من بني إسرائيل، فاختار من كل سبط ستة، فزاد اثنان، فقال: ليتخلف منكم رجلان، فتشاحوا، فقال: لمن قعد أجر من خرج، فقعد كالب ويوشع، فأمرهم موسى أن يصوموا، ويتطهروا، ويطهروا ثيابهم، ثم خرج بهم إلى طور سيناء لميقات ربه، فلما دنوا من الجبل غشيه غمام، فدخل موسى بهم الغمام، وخروا سجدا، فسمعوا الله يكلم موسى يأمره، وينهاه، ثم انكشف الغمام، فأقبلوا إليه، وقالوا: لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة، فأخذتهم الرجفة، أي الصاعقة، أو رجفة الجبل، فوقعوا ميتين. وانظر الآية رقم [٥٥] (البقرة) فقام موسى يبكي، ويدعو الله، ويقول: {رَبِّ لَوْ شِئْتَ..}. إلخ، وهذا الميقات غير الميقات المذكور في الآية رقم [١٤٣].

{لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيّايَ:} تمنى هلاكهم، وهلاك نفسه. قبل أن يرى ما رأى، أو المعنى: تقدر على إهلاكنا في كل وقت، ولكنك رحيم بنا، فنرجوا دوام لطفك وإحسانك.

وانظر «القول» في الآية رقم [٥]. {رَبِّ:} انظر الآية رقم [٣]. {شِئْتَ:} انظر الآية رقم [٨٩].

{أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنّا:} حيث اجترءوا على طلب الرؤية، وقيل: المراد ب‍: {بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ} أي: الذين عبدوا العجل، والسبعون اختارهم موسى لميقات التوبة عنهم، فغشيتهم هيبة قلقوا منها، ورجفوا حتى كادت تبين مفاصلهم، وأشرفوا على الهلاك، فخاف عليهم موسى فبكى، ودعا فكشفها الله عنهم، والمعتمد الأول.

{السُّفَهاءُ:} انظر سفاهة في الآية رقم [٦٦]. {إِنْ هِيَ إِلاّ فِتْنَتُكَ} أي: ما هذا إلا اختبارك وامتحانك، وابتلاؤك حين أسمعتهم كلامك؛ حتى طمعوا في الرؤية، أو أوجدت في العجل خوارا، فزاغوا به. انتهى بيضاوي.

قال القرطبي: وأضاف الفتنة إلى الله عز وجل، ولم يضفها إلى نفسه، كما قال إبراهيم:

{وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} فأضاف المرض إلى نفسه، والشفاء إلى الله تعالى، وقال يوشع:

<<  <  ج: ص:  >  >>