منصوب في الأصل بإضمار (أن)، فلما حذفت (أن) رفع الفعل على حد قوله تعالى: {وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ} .. ويؤيد ذلك ويقويه قراءة الفعل بالنصب ب «أن» مضمرة بعد {أَوْ،} ويكون التقدير: لو أن لي بكم قوة، أو إيواء. {إِلى رُكْنٍ}: متعلقان بالفعل قبلهما. {شَدِيدٍ}:
صفة:{رُكْنٍ،} و {أَنَّ} واسمها وخبرها في تأويل مصدر في محل رفع فاعل لفعل محذوف، هو شرط (لو) عند المبرد، التقدير: لو ثبت وجود قوة لي ونحوه، وقال سيبويه رحمه الله تعالى: هو في محل رفع مبتدأ، والخبر محذوف، التقدير: لو وجود قوة لي حاصل أو ثابت، ونحوهما، وقول المبرد رحمه الله تعالى هو المرجح؛ لأن {لَوْ} لا يليها إلا فعل ظاهر، أو مقدر، والفعل المقدر على قول المبرد وفاعله المؤول جملة فعلية لا محل لها من الإعراب؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي، وجواب {لَوْ} محذوف، التقدير: لدفعتكم، أو لبطشت بكم، وأرى جواز اعتبار:{لَوْ} للتمني، وهي لا تحتاج إلى جواب على هذا الاعتبار، ويكون التقدير: أتمنى وجود قوة تمنعني منكم، أو إيواء إلى ركن شديد يحفظني من طغيانكم، وفسادكم، وهو تقدير لا غبار عليه، والكلام في محل نصب مقول القول، وجملة:{قالَ..}.
إلخ مستأنفة لا محل لها. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.
الشرح:{قالُوا يا لُوطُ إِنّا رُسُلُ رَبِّكَ..}. إلخ: قال ابن عباس، وأهل التفسير: أغلق لوط بابه في وجه قومه، والملائكة معه في الدار، وجعل يناظر قومه، ويناشدهم من وراء الباب، فلم يكفّوا بل هموا بكسر الباب، وهو يمسكه، فلما رأت الملائكة ما لقي لوط من الجهد، قالوا له:
{يا لُوطُ إِنّا رُسُلُ رَبِّكَ} تنحّ عن الباب، فتنحى وانفتح الباب، فضربهم جبريل عليه السّلام بجناحه فطمس أعينهم، وعموا وانصرفوا على أعقابهم، فلم يعرفوا طريقا، ولا اهتدوا إلى بيوتهم، وجعلوا يقولون: النجاء النجاء، فإن في بيت لوط قوما هم أسحر من على وجه الأرض، وقد سحرونا، فأعموا أبصارنا، وجعلوا يقولون: يا لوط! كما أنت حتى تصبح، وسترى ما تلقى منا غدا يتوعدونه. قال تعالى في سورة القمر:{وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ}. {لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ}: بمكروه بسبب إيذائهم إيانا. {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ}: فاخرج من هذه القرية بأهلك في آخر الليل، وقيل: بعد مضي طائفة من الليل، أي:
بعد هدأة منه، وقيل غير ذلك، انظر الآية رقم [٢٧] من سورة (يونس). {وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ} أي: لا يتخلف عن الخروج منكم أحد، وقيل: لا ينظر وراءه منكم أحد. {إِلاَّ امْرَأَتَكَ}