للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في محل نصب صفة جسدا، أو هي في محل نصب حال أخرى، وجملة: {وَما جَعَلْناهُمْ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها، وجملة: {وَما كانُوا خالِدِينَ} معطوفة عليها، لا محل لها، وإعرابها واضح إن شاء الله تعالى.

{ثُمَّ صَدَقْناهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْناهُمْ وَمَنْ نَشاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ (٩)}

الشرح: {ثُمَّ صَدَقْناهُمُ الْوَعْدَ} أي: الرسل. وذلك بإنجائهم، ونصرهم، وإهلاك مكذبيهم، وانظر (الوعد) في الآية رقم [٥٤] من سورة (مريم) عليها السّلام. {فَأَنْجَيْناهُمْ وَمَنْ نَشاءُ:} يعني ومن اتبعهم، واهتدى بهديهم، ومن في إبقائه حكمة، كمن سيؤمن في المستقبل، أو يخرج من صلبه من يؤمن؛ ولذلك حفظت العرب من عذاب الاستئصال. {وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ:} المجاوزين الحد في الكفر، والمعاصي، هذا؛ وكثيرا ما يعبر القرآن عن الكافرين بالظالمين، والمجرمين، والمعتدين، والفاسقين، والمسرفين، ويتهددهم بالعذاب الأليم، ويتوعدهم بالعقاب الشديد، وإننا نجد الكثير من المسلمين يتصفون بهذه الصفات، فهل يوجه إليهم هذا التهديد، وهذا الوعيد؟ الحق أقول: نعم يوجه إليهم ما ذكر، وهم أحق بذلك، ولا سيما من قرأ القرآن، واطلع على أحوال الأمم السابقة، وما جرى لهم مع رسلهم، وكيف نكل الله بهم، وجعلهم عبرة للمعتبرين، وما يتذكر إلا أولو الألباب.

الإعراب: {ثُمَّ:} حرف عطف. {صَدَقْناهُمُ:} فعل، وفاعل، ومفعول به. {الْوَعْدَ:}

مفعول به ثان، وقيل: هو منصوب بنزع الخافض؛ لأن الفعل: «صدق» يتعدى للثاني بحرف الجر، والجملة الفعلية معطوفة على جملة: {وَما أَرْسَلْنا..}. إلخ لا محل لها مثلها، وجملة:

{فَأَنْجَيْناهُمْ} معطوفة عليها أيضا. {وَمَنْ:} اسم موصول؛ أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل نصب معطوفة على الضمير المنصوب، والجملة الفعلية بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف؛ إذ التقدير: الذي، أو شخصا نشاء إنجاءه، وجملة: {وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ} معطوفة على ما قبلها لا محل لها مثلها.

{لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ (١٠)}

الشرح: {لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ:} يا معشر قريش. {كِتاباً:} هو القرآن الكريم. {فِيهِ ذِكْرُكُمْ:} شرفكم؛ إن عملتم به، وفخركم؛ إن اهتديتم بهديه، قال تعالى: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} وهو شرف، وفخر لنا؛ إن عملنا بما فيه. وقيل: فيه موعظتكم؛ لتتعظوا به، فيكون الذكر بمعنى الوعد والوعيد. {أَفَلا تَعْقِلُونَ:} فيه بعث، وحث على التدبر؛ لأن الخوف من لوازم العقل. هذا؛ وانظر: (أنزل) و (نزل) في الآية رقم [٢] من سورة (طه).

<<  <  ج: ص:  >  >>