{إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ:} غالب على أمره، لا يخرج شيء عن إرادته، ومشيئته. {غَفُورٌ} أي:
لمن تاب، وأناب من عباده، وهو صيغة مبالغة بمعنى: كثير الغفران لعباده المؤمنين؛ إن هم لجئوا إليه بالتوبة، والإنابة. هذا؛ وقال الزمخشري: فإن قلت: ما وجه اتصال هذا الكلام بما قبله؟ قلت: لما قال: {أَلَمْ تَرَ} بمعنى: ألم تعلم: أن الله أنزل من السماء ماء، وعدد آيات الله، وأعلام قدرته، وآثار صنعته، وما خلق من الفطر المختلفة الأجناس، وما يستدل به عليه، وعلى صفاته؛ أتبع ذلك:{إِنَّما يَخْشَى اللهَ..}. إلخ، كأنه قال: إنما يخشاه مثلك، ومن على صفتك ممن عرفه حق معرفته، وعلمه كنه علمه. انتهى.
الإعراب:{وَمِنَ:} الواو: حرف عطف. {(مِنَ النّاسِ)}: جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ:} معطوفان على الناس. {مُخْتَلِفٌ:} مبتدأ مؤخر، وهو في الأصل صفة لموصوف محذوف، التقدير: خلق مختلف. {أَلْوانُهُ:} فاعل ب: {مُخْتَلِفٌ،} والهاء في محل جر بالإضافة. {كَذلِكَ} الكاف: حرف تشبيه، وجر، و (ذا): اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالكاف، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب، لا محل له، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة لمفعول مطلق محذوف، عامله:{مُخْتَلِفٌ} التقدير: مختلف ألوانه اختلافا مثل اختلاف ألوان الثمرات والجبال، والجملة الاسمية:{وَمِنَ النّاسِ..}. إلخ معطوفة على مثلها في الآية السابقة، لا محل لها مثلها.
{إِنَّما:} كافة ومكفوفة. {يَخْشَى:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر. {اللهَ:} منصوب على التعظيم. {مِنْ عِبادِهِ:} متعلقان بمحذوف حال من {الْعُلَماءُ،} والهاء في محل جر بالإضافة. {الْعُلَماءُ:} فاعل: {يَخْشَى،} والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها. {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {اللهَ:} اسمها. {عَزِيزٌ:} خبر أول.
{غَفُورٌ:} خبر ثان، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها.
الشرح:{إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللهِ:} يداومون على تلاوة القرآن، وهي شأنهم، وديدنهم آناء الليل، وأطراف النهار. وعن مطرف بن عبد الله-رحمه الله تعالى-: هي آية القراء.
وأقول: ينبغي لقارئ القرآن أن يتدبر آياته، وأن يعمل بما فيه؛ ليحوز الأجر المترتب على قراءته، وهو عشر حسنات لكل حرف يقرؤه. فعن عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول:
{الم} حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف». رواه الترمذي. وعن جابر بن