للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسمها. {هُوَ:} ضمير فصل، لا محل له من الإعراب، أو هو توكيد لا سم (إن) على المحل.

{الْغَفُورُ:} خبر (إن). {الرَّحِيمُ:} خبر ثان. هذا؛ وإن اعتبرت الضمير مبتدأ، وما بعده خبرا عنه، فالجملة الاسمية تكون في محل رفع خبر (إن) والجملة الاسمية: {إِنَّهُ..}. إلخ ابتدائية، أو مستأنفة، لا محل لها على الاعتبارين.

{قالَ رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ (١٧)}

الشرح: {قالَ رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ} أي: من المعرفة، والحكمة، والتوحيد، والإيمان بك.

قال الزمخشري-رحمه الله تعالى -: يجوز أن يكون قسما، جوابه محذوف، تقديره: أقسم بإنعامك علي بالمغفرة؛ لأتوبن. وأن يكون استعطافا، كأنه قال: رب اعصمني بحق ما أنعمت علي من المغفرة، فلن أكون إن عصمتني ظهيرا للمجرمين. فتكون الباء متعلقة ب‍: «اعصمني» المقدر، أقول: من المعروف: أن جواب القسم الاستعطافي يكون جملة إنشائية، مثل قول الشاعر: [الطويل] بعيشك يا سلمى ارحمي ذا صبابة... أبى غير ما يرضيك في السر والجهر

وأيضا قول مجنون ليلى: [الوافر] بربك هل ضممت إليك ليلى... قبيل الصبح أو قبلت فاها؟

اللهم إلا أن يقال: الجواب محذوف لدلالة الجملة الآتية عليه، التقدير على الأول: أقسم بحق إنعامك علي؛ لأتوبن! والتقدير على الثاني: أسألك بحق إنعامك علي اعصمني! هذا؛ وانظر البيتين في كتابنا فتح القريب المجيب رقم [٩٩٥ و ٩٩٦].

هذا؛ وأراد بمظاهرة المجرمين: إما صاحبة فرعون، وانتظامه في جملته، وتكثير سواده؛ حيث كان يركب بركوبه، كالولد مع الوالد، وكان يسمى ابن فرعون، وإما بمظاهرة من أدت مظاهرته إلى الجرم، والإثم، كمظاهرة الإسرائيلي المؤدية إلى القتل الذي لم يحل له قتله. وعن ابن عباس -رضي الله عنهما-قال: لم يستثن، فابتلي به مرة أخرى، يعني: لم يقل: فلن أكون إن شاء الله ظهيرا؛ أي: معاونا للمجرمين، وهذا كقوله تعالى: {وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا}.

قال عبيد الله بن الوليد الوصافي: قلت لعطاء بن أبي رباح: إن لي أخا يأخذ بقلمه (أي:

يأخذ أجرة على كتابته بقلمه)، وإنما يحسب ما يدخل، وما يخرج، وله عيال، ولو ترك ذلك لاحتاج، وادان، فقال: من الرأس؟ قلت: خالد بن عبد الله القسري، قال: أما تقرأ ما قال العبد الصالح: {رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ}. قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: فلم يستثن، فابتلي به ثانية، فأعانه الله، فلا يعينهم أخوك؛ فإن الله يعينه.

<<  <  ج: ص:  >  >>