{وَلكِنْ:} الواو: حرف عطف. ({لكِنْ}): حرف استدراك مهمل، لا عمل له. {يُؤاخِذُكُمُ:}
فعل مضارع، والكاف مفعوله، والفاعل يعود إلى:{اللهُ،} والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها. {بِما:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما، و (ما) تحتمل الموصولة، والموصوفة، والمصدرية. {كَسَبَتْ:} فعل ماض، والتاء للتأنيث، {قُلُوبُكُمْ:} فاعله، والكاف في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية صلة (ما) أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف، التقدير: بالّذي، أو بشيء كسبته قلوبكم، وعلى اعتبار (ما) مصدرية تؤول مع ما بعدها بمصدر في محل جر بالباء، التقدير: بكسب قلوبكم، والجملة الاسمية:{وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ} معترضة في آخر الكلام، الغاية منها تأكيد الغفران، وإن اعتبرتها في محل نصب حال من فاعل:{يُؤاخِذُكُمُ} المستتر؛ فلست مفنّدا. والرابط: الواو، والضمير.
الشرح:{لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ:} يحلفون، والمصدر: إيلاء، وأليّة، فالإيلاء في اللغة: الحلف، قال الشاعر:[الطويل]
فآليت لا أنفكّ أحدو قصيدة... تكون وإيّاها بها مثلا بعدي
وفي الشرع: اليمين على ترك وطء الزّوجة. وقال ابن دريد في مقصورته:[الرجز]
أليّة باليعملات يرتمي... بها النّجاء بين أجواز الفلا
وجمع ألية: ألايا، قال الشّاعر:[الطويل]
قليل الألايا حافظ ليمينه... وإن سبقت منه الأليّة برّت
قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: كان إيلاء الجاهلية السّنة، والسّنتين، وأكثر من ذلك، يقصدون بذلك إيذاء المرأة عند المساءة، فوقّت الله للمسلمين أربعة أشهر، فمن آلى بأقلّ من ذلك، فليس بإيلاء حكميّ. ولا تنس: أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم آلى على نسائه كما ستراه في سورة الأحزاب حينما سألته زيادة النّفقة، وكذلك آلى من زينب-رضي الله عنها-حيث ردت هديّته. ذكره ابن ماجة.
هذا؛ ويقال: آلى، يؤلي، وتألّى تألّيا، وائتلى ائتلاء؛ أي: حلف، ومنه قوله تعالى:{وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ..}. إلخ [النور: ٢٢]. {مِنْ نِسائِهِمْ} أي: يحلفون على نسائهم ألا يجامعوهن. والإيلاء: الحلف، وحقّه أن يعدّى ب «على» ولكن لمّا ضمن هذا القسم معنى البعد عدّي ب «من». {تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} أي: انتظار، وتمهل، وترقّب، وتأخّر، ومنه قوله تعالى في كثير من الآيات:{قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ،} وقال الشاعر: [الطويل]
تربّص بها ريب المنون لعلّها... تطلّق يوما أو يموت حليلها