للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من تتمة مقول عيسى، عليه السّلام. {إِنَّكَ أَنْتَ عَلاّمُ الْغُيُوبِ:} انظر إعراب هذا الكلام في الآية رقم [١٠٩] وهو في المعنى تعليل، وفي الإعراب من مقول عيسى عليه السّلام.

{ما قُلْتُ لَهُمْ إِلاّ ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اُعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (١١٧)}

الشرح: {ما قُلْتُ لَهُمْ..}. إلخ: هذا نفي لما فعله النصارى من تأليه عيسى عليه السّلام، فهو يتبرأ منهم، ومما فعلوه في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، وإثبات لما أمرهم به من عبادة الله وحده لا شريك له. وانظر إعلال: {قُلْتُ} في الآية رقم [٨] وشرح {رَبِّي} في الآية رقم [١] من سورة (الفاتحة). {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً} أي: رقيبا أمنعهم أن يقولوا ذلك أو يعتقدوه، أو مشاهدا لأحوالهم من كفر، وإيمان، {فَلَمّا تَوَفَّيْتَنِي:} قبضتني بالرفع إلى السماء.

والتوفي: أخذ الشيء وافيا، أي كاملا، والموت نوع منه، قال تعالى: {اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها}. وانظر ما ذكرته في الآية [٣/ ٥٥] فإنه جيد. {الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ:}

المراقب لأحوالهم وشئونهم، فتمنع من أردت عصمته من الكفر بالإرشاد إلى الدلائل، والتنبيه عليها بإرسال الرسل، وإنزال الآيات. {شَيْءٍ:} انظر الآية رقم [١٩]. {شَهِيدٌ:} مطلع وعالم بقولي لهم، وقولهم بعدي، وما فعلوا من تغيير وتحريف وتزييف. والله أعلم بمراده وأسرار كتابه.

الإعراب: {ما:} نافية. {قُلْتُ:} فعل وفاعل. {لَهُمْ:} متعلقان بالفعل قبلهما. {إِلاّ:}

حرف حصر لا محل له. {ما:} اسم موصول أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل نصب مفعول به وهي كناية عن كلام كثير. {أَمَرْتَنِي:} فعل وفاعل ومفعول به، والنون للوقاية.

{بِهِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة الفعلية صلة {ما،} أو صفتها، والعائد أو الرابط الضمير المجرور محلاّ بالباء. {أَنِ:} مفسرة. {اُعْبُدُوا:} فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق. {اللهَ:} منصوب على التعظيم. {رَبِّي:} صفة الله أو بدل منه منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم... إلخ، والياء في محل جر بالإضافة. {وَرَبَّكُمْ:} معطوف على ما قبله، والكاف في محل جر بالإضافة، وجملة: {أَنِ اعْبُدُوا..}. إلخ مفسرة لا محل لها عند الجمهور، وقال الشلوبين بحسب ما تفسره، هذا؛ وقد قال أبو البقاء: يجوز أن تكون: {أَنِ} مصدرية، والأمر صلة لها. وفي الموضع ثلاثة أوجه: الجر على البدل من الهاء في: {بِهِ} والرفع على إضمار هو، والنصب على إضمار أعني، أو بدلا من موضع به، ولا يجوز أن تكون بمعنى أي المفسرة؛ لأن القول قد صرح به و «أن» لا تكون مع التصريح بالقول. وقال البيضاوي قريبا من هذا الكلام، والجواب أن التفسير ليس ل‍ {قُلْتُ} وإنما هو ل‍ {أَمَرْتَنِي} وهو فيه معنى القول دون حروفه. {وَكُنْتُ:} ماض ناقص، والتاء اسمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>